أخبارأخبار الرئيسيةسياسة
أخر الأخبار

مذبحة مليلية.. حكام المغرب ومحاولات طمس أدلة ارتكابهم جرائم القتل العمد في حق أكثر من 34 مهاجرا إفريقيا على الحدود الأوروبية في بلاد الريف.

صباح يوم الجمعة 24 يونيو المنصرم، أي أسابيع بعد عودة التعاون الأمني بين حكام المغرب ونظرائهم الإسبان، شهدت الحدود مع مدينة مليلية المحتلة مأساة مقتل أكثر من 29 مهاجراً أفريقيا، فيما وصفه مراقبون بـ”المجزرة” التي تتطلب تحقيقا دوليا.

قبل أسبوع من الأحداث، تعهدت وزارتا داخلية البلدين “بمواصلة التعاون الأمني بينهما”. وفي 6 مايو، وضعت “مجموعة الهجرة المختلطة المغربية الإسبانية الدائمة” الأجندة الأمنية للتعاون.

جدير بالذكر أنه منذ عام 2007، دفع الاتحاد الأوروبي للمغرب 270 مليون أورو لتمويل الجوانب الأمنية المختلفة لسياسة الهجرة المغربية. يتم هذا التمويل مباشرة أو عن طريق الهيئات الأوروبية والإسبانية.

منذ عام 2013 ، يمر التمويل الأوروبي للهجرة أيضًا من خلال صندوق الاتحاد الأوروبي الاستئماني للطوارئ لأفريقيا أو الوكالات الإسبانية المسؤولة عن الحصول على المعدات الأمنية لحكام المغرب من طائرات بدون طيار، ورادارات، وكواد، وحافلات، ومركبات لجميع التضاريس…

توقيت هذا الحادث “ليس صدفة” خصوصا وأنه حصل قبل أيام من قمة الناتو في مدريد، حيث ستتم مناقشة الحدود الجنوبية وزيادة الإنفاق العسكري. استغل فيه المغرب حقوق الإنسان والأفراد كأوراق مساومة ومقياس للضغط، مسجِّلا أعلى رقم للوفيات في حادثة واحدة، على مدى سنوات عديدة، لمهاجرين حاولوا العبور من المغرب إلى أوروبا عبر مليلية وسبتة الريفيتين.

فالأمر مدروس وبصمة السلطات فيها واضحة، لِيُظهر المغرب لإسبانيا أنه يحرس الحدود بنجاعة. من خلال إثارة خطر غمرها بالمهاجرين، مثلما اعتاد تنظيم قوافل إلى سبتة كلما دعت الحاجة لابتزاز إسبانيا وأوروبا سياسيا، من أجل الحصول بالمقابل على الدعم الدبلوماسي والإعانات المالية من الاتحاد الأوروبي.

إذ لا يعقل ألا يرصد قدوم المهاجرين من الغابة بجبل “كوروكو”، خصوصًا وأن السلطات تتحرش بهم على مدى ثلاثة أيام قبل ذلك ومنعت على التجار والباعة المحيطين بالجبال التي يعيشون بها، بيع أي طعام أو شراب لهم، أو الحصول على الأدوية والرعاية الصحية. وهاجمت القوات الأمنية مخيمات المهاجرين وأحرقوها ونهبوا ممتلكاتهم.

فقد سبق أن تم إنشاء طريق خصيصًا للسماح لمركبات إنفاذ القانون بالوصول إلى الغابة، ويتواجد وسط الغابة معسكر للقوات المساعدة (هيئة أمنية تديرها وزارة الداخلية مباشرة). حيث تم بناء هذا المخيم، بمبانيه الصلبة والعديد من الخيام، خصيصًا للسماح بالتدخل السريع في المخيمات. وهي العمليات التي نفذتها قوات الأمن دفعت بالمهاجرين إلى الفرار من الغابة والنزوح نحو مليلية بشكل جماعي.

فالرباط التي تستقطب المهاجرين الأفارقة بصفة رسمية كزبائن بتأشيرات حقيقية، تنحرهم قربانا لممارسة الابتزاز السياسي، والمملكة التي ترخص للأفارقة بدخول أراضيها تلعب في الوقت نفسه دور دركي الإتحاد الأوروبي في حماية حدوده الخارجية الجنوبية.

مقتل عدد كبير من المهاجرين الأفارقة وإصابة آخرين، “المذبحة المروعة” التي كشفت انتهاكا حقيقيا لحقوق الانسان، من دولة تستغل بعبع الهجرة للإبتزاز السياسي، ينذر بالطبيعة المميتة للتعاون الأمني بشأن الهجرة بين المغرب وإسبانيا. هذه العودة إلى التعاون هي التي فضحت العنوان الزائف المسمى “المقاربة الإنسانية في إدارة قضايا الهجرة”.

إذ عمدت السلطات المغربية عصر يوم الأحد الذي عقب الفاجعة، في مقبرة الناظور على حفر أزيد من ست وعشرين قبراً، بعد قرار الدفن ب «إذن استثنائي من وكيل الملك “، لطمر الحقيقة دون تحقيق يوضح سبب الوفاة ودون معرفة هويات الضحايا الذين تم دفنهم، بحجة عدم وجود أماكن لهم في ثلاجة الموتى، وبعد أن فاحت الروائح من جثثهم.

في الوقت الذي تتوالى فيه الإدانات الدولية لمجزرة المهاجرين إلى مليلية الريفية، واستنكرت العديد من الهيئات والمنظمات والأطراف السياسية والحقوقية الدولية فظاعة المشاهد التي تم تداولها في فيديوهات صادمة، ونقلت جرائم الشرطة المغربية مُوثِّقَةً جثث المهاجرين المكدسة فوق بعضها البعض، في مشهد يندى له الجبين.

ومن جانب آخر، لإخفاء معالم الجريمة، جمعت الشرطة السياسية المغربية 640 عصا خشبية، مطرقة واحدة، وقضيب معدني، التي استخدمها المهاجرون أثناء محاولتهم عبور الحاجز. باعتبارها “مستندات إقناع”، مكّنت المدعي العام من اتخاذ إجراءات قانونية ضد المهاجرين الموجودين الآن رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة.

كل المحاضر متشابهة، نفس التصريحات تتكرر، وكلها نسخ ولصق لنفس الكلام في القضية المفتوحة ضد 64 شخصًا مثلوا أمام محكمتي الناظور، الابتدائية والاستئنافية، وتتابع السلطات المغربية، هؤلاء المهاجرين الـ64 بـ”الانضمام إلى عصابة وُجِدَت لتسهيل خروج أجانب من التراب الوطني، العصيان، تعنيف موظفين عموميين، إضرام النار في الغابة، احتجاز موظف عمومي، والتجمهر المسلح”. وبعضهم سيتم تقديمهم في 13 يوليوز في محكمة الاستئناف. بالناظور.

ولم يتحدث هؤلاء المهاجرون المعتقلون في أي من تصريحاتهم عن الإصابات التي لحقت بهم وبمن معهم، ولا الذين ماتوا منهم، وهم 23 حسب الرواية المخزنية ؛ أثناء محاولتهم العبور إلى مليلية. بل وينفون ضلوع أي عصابات تهريب أو اتجار بالبشر وراء محاولتهم العبور لمليلية الريفية، سوى ما تعرضوا له من مطاردة مخزنية من غابة كوروكو نحو السياج الفاصل بين الناظور ومليلية الريفيتين.

يتبع…

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: