أخبارأخبار الرئيسيةأخبار دولية

الجميع يعرف الآن أن حكام المغرب يستخدمون نظام بيغاسوس للتجسس على الصحفيين والحقوقيين

مرت نحو ثلاث سنوات على كشف الغطاء عن فضيحة التجسس عبر برنامج “بيغاسوس” الذي طورته شركة “إن إس أو” الإسرائيلية، واستخدمته أنظمة ديكتاتورية لمراقبة رؤساء دول ومسؤولين حكوميين وصحفيين مستقلين.

وقالت صحيفة “بوبليكو” إنه رغم أن الفضيحة كانت كبيرة، فإن مخاوف كبيرة ما زالت تطارد الصحفيين المستقلين في الريف والمغرب وعائلاتهم، نظرا لأنهم كانوا سباقين في مواجهة بيغاسوس وفضح استخدامه من قبل النظام الحاكم المعروف شعبيا باسم “المخزن”.

صحفيون رائدون

وذكرت الصحيفة الإسبانية أن تحقيق “مشروع بيغاسوس”، كشف في يوليوز 2022 أن الصحفي المغربي المسجون سليمان الريسوني قد كان ضحية تجسس من قبل برنامج التجسس الإسرائيلي بيغاسوس. 

في الواقع، يعد الريسوني واحدا من بين سبعة صحفيين محليين حددهم مشروع بيغاسوس، وهو اتحاد استقصائي لمنظمات إعلامية دولية، بمثابة هدف محتمل أو مؤكد لبرنامج بيغاسوس.

عموما، تؤكد الأخبار شكوك المجتمع الصحفي المغربي منذ فترة طويلة؛ التي تشير إلى أن جهاز استخبارات الدولة الهائل كان يراقب كل تحركات بعض الصحفيين. 

وتجدر الإشارة إلى أن الصحفيين الريفيين والمغربين كانوا سباقين، من بين زملائهم في جميع أنحاء العالم، في التنديد باستخدام برامج التجسس ضد المراسلين.

إذ أشاروا إلى المراقبة الرقمية في وقت مبكر من عام 2015، وفي 2019 و2020، أعلنت منظمة العفو الدولية نتائج تؤكد استخدام بيغاسوس على هاتف صحفيين على الأقل، هما عمر الراضي والمعطي منجب. 

والإجراءات اللاحقة التي اتخذها المغرب، ضد بعض الصحفيين الخاضعين للتجسس، أزاحت الستار عن التهديد المستمر لوسائل الإعلام المستقلة في الريف والمغرب.

وعززت استنتاج لجنة حماية الصحفيين بأن هجمات برامج التجسس غالبا ما تكون مقدمة لانتهاكات أخرى ضد حرية الصحافة.

في هذا السياق، أشارت بوبليكو إلى أن الريسوني والراضي قد سجنا في المغرب على خلفية ما وصفته عائلتهما وزملاؤهما باتهامات باطلة.

وعلى نفس المنوال، كشف تحقيق مشروع بيغاسوس أن الصحفي توفيق بوعشرين، كان أيضا ضحية لبرنامج التجسس. وقد سُجن هو أيضا بتهم مماثلة.

وأضافت بوبليكو أن مشروع بيغاسوس لم يكن قادرا على الوصول أو فحص جميع هواتف الضحايا المحتملين لبرنامج بيغاسوس، لتأكيد هذه الشكوك.

من جهتها، نفى النظام المغربي مرارا وتكرار تعاملها مع برنامج التجسس الإسرائيلي. 

في المقابل، نُشرت العديد من الصور ومقاطع الفيديو والمحادثات والمكالمات الهاتفية الخاصة للصحفيين الثلاثة، بالإضافة إلى عائلاتهم، في الصحف والمواقع الموالية للنظام على غرار قناة “شوف تي في”.

وقد استخدمت هذه التسريبات لاحقا بمثابة أدلة ضد الضحايا في المحاكم. 

انتهاكات كبيرة

وسلطت الصحيفة الإسبانية الضوء على حالة الصحفي بوعشرين، رئيس التحرير السابق للصحيفة المحلية المستقلة أخبار اليوم، الذي اعتقل في فبراير سنة 2018، وحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاما بتهم عديدة تتعلق بالاعتداء الجنسي والاتجار بالبشر.

في هذا المعنى، أخبرت زوجته، أسماء موسوي، اللجنة في مكالمة هاتفية في مايو 2022 أنها تعتقد أنها كانت تحت المراقبة أيضا.

وفي سياق نفس القضية، كشفت موسوي، في أبريل 2019، أنها اتصلت بشركة اتصالات خاصة مقرها واشنطن العاصمة، لمساعدتها في نشر إعلانات في الصحف الأميركية حول قضية بوعشرين، على أمل أن تساعد الدعاية في الجهود المبذولة لإطلاق سراح زوجها.

وبعد يوم واحد فقط، نشر موقع “برلمان” مقالا ادعى فيه أن موسوي دفعت عشرات الآلاف من اليوروهات للشركة، جنتها من أنشطة الاتجار بالبشر.

عموما، تصف هيومن رايتس ووتش “برلمان” بأنه “مرتبط بشكل وثيق بالأجهزة الأمنية المغربية”. 

وكشفت الصحيفة أن تحقيق مشروع بيغاسوس دفع الصحفيين وعائلاتهم إلى اتخاذ احتياطات ضد المراقبة المغربية، وهي مهمة ليست سهلة نظرا لصعوبة الكشف عن اختراق برامج التجسس لأحد الهواتف. 

وفي هذا المعنى، كشفت مختاري، زوجة الريسوني، للجنة حماية الصحفيين، قائلة: “طلب مني زوجي أن أحاول أن أكون آمنة من الاختراق المحتمل، لذا فأنا أبذل قصارى جهدي”.

وتواصل مختاري: “بغض النظر عن الاحتياطات المعتادة التي أتخذها لحماية هاتفي، أعمل على تحديثه بانتظام ولا أخزن عليه الصور الشخصية أو الرسائل المهمة أو رسائل البريد الإلكتروني”. 

وتضيف: “أشتري أيضا هاتفا جديدا كل ثلاثة أشهر وأتلف الهاتف القديم، وهو ما يمثل عبئا اقتصاديا بالنسبة لعائلتي”.

وتستدرك: “لكن، في الحقيقة، لا يمكن الهروب من برامج التجسس التي يعتمدها النظام المغربي. فعلى سبيل المثال، أكثر الأشخاص ذكاء في عالم التكنولوجيا الذين أعرفهم هو صديقنا عمر الراضي”.

ومضت تقول: “لقد اتخذ جميع الاحتياطات اللازمة ضد الاختراق، لكن، ما زالت هذه البرامج قادرة على الوصول إلى أجهزته”.

محاولة تنظيف

ونقلت الصحيفة الإسبانية أن الصحفي منجب يعوّل على تقنيين “لفحص أجهزته يوميا تقريبا بحثا عن عمليات الاختراق المحتملة وتنظيف الجهاز، كما أنه لا يرد أبدا على المكالمات الهاتفية، فقط يستخدم تطبيق المراسلة المشفر “سيجنال””. 

وأضافت أن تحقيق بيغاسوس كشف أن أبو بكر الجامعي، الصحفي المغربي البارز والفائز بجائزة لجنة حماية الصحفيين الدولية لحرية الصحافة في عام 2003، كان ضحية للمراقبة عبر برنامج بيغاسوس خلال سنتي 2018 و2019.

وتبين أيضا أنه تعرض للقرصنة في عام 2019، على الرغم من إقامته في فرنسا منذ عام 2007. 

وقال في اتصال هاتفي إنه “يعتقد أن النظاك المغربي هو المسؤول عن هجمات برامج التجسس وأن المراقبة ضمنت بشكل فعال نهاية الصحافة المستقلة في البلاد”.

وأوردت بوبليكو أن لجنة حماية الصحفيين أرسلت رسالة بريد إلكتروني إلى وزارة الداخلية المغربية في سبتمبر 2022 لطلب التعليق عن التحقيق الذي يورطها في عملية التجسس، لكنها لم تتلق أي رد. 

في هذا السياق، قال الجامعي “لسنوات، لم تكن هناك وسائل إعلام مستقلة أو جمعيات صحفيين”.

ويواصل: “في الواقع، يمكن اعتقاد ما تبقى الآن مجرد حفنة من الأفراد الذين لديهم أصوات قوية ويقررون ترديدها باستخدام بعض المواقع الإخبارية، والتي تكون في الغالب شبكات التواصل الاجتماعي”.

ونوهت الصحيفة بأن الجامعي يرى جانبا إيجابيا في تحقيق مشروع بيغاسوس، حيث إنه “برهن بالكاشف عن يأس المغرب وإلى أي مدى هو مستعد للذهاب لإسكات الصحفيين”.

ويضيف: “الجميع يعرف الآن أن النظام المغربي يستخدم نظام بيغاسوس للتجسس على الصحفيين”.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: