أخبارأخبار الرئيسيةأخبار دولية

تقرير: حرية الصحافة في المغرب تعيش حقبة مظلمة

تصرّ الكثير من الدول المسماة “عربية” على تعزيز رقابتها على العمل الصحفي وتضييق هامش الحريّات لا سيّما في المغرب، فلجأت هذه الدول بعد الثورات التي اندلعت عام 2011 إلى خنق الصحافيين إمّا عبر إجبارهم على مغادرة بلادهم أو اعتقالهم.

لذلك، أعدّ موقع “درج” دراسة مسحيّة عن التحديات والضغوطات التي يتعرّض لها الصحافيّون والمدافعون عن حقوق الانسان في دول “عربيّة” عدّة، وذلك في سياق حملة “وضوح” التي تساهم في مكافحة انتشار المعلومات المضللة والأخبار المزيفة وحملات التشهير التي تستهدف منظمات المجتمع المدني والنشطاء في المنطقة.

المغرب: الحريّة حبر على ورق

تحتل مملكة المغرب المرتبة 135 من أصل 180 على مؤشر حريّة الرأي والتعبير، بحسب التقرير السنوي لـ”مراسلون بلا حدود” لعام 2022. موجة الاعتقالات بلغت أوجّها في 2017 بعد سلسلة اعتصامات قام بها محتجون مغاربة تنديداً بتردّي الوضع الاجتماعي وارتفاع نسب البطالة. قتل محسن فكري صاحب عربة السّمك على يد عناصر أمنية، كان الشرارة التي أشعلت فتيل التظاهرات ولجأ عشرات الآلاف الى الشوارع تنديداً بقتله متّهمين الشرطة المغربية بذلك. 

استمرّت التظاهرات ومعها الاعتقالات التي طالت الصحافيين، حيث تم اعتقال عدد من الصحافيين بتهم مختلفة منها اعتداءات جنسية وتجسس وعنف. 

 أحد أبرز الصحافيين الذين اعتقلوا في هذه الفترة، هو الصحافي توفيق بو عشرين الذي شغل منصب رئيس تحرير “الجريدة الأخرى”، وكان مدير نشر جريدة “أخبار اليوم” المعارضة. عُرف بوعشرين بمقالاته النقديّة للنظام الحاكم. وهو يقبع في السجن منذ شباط/ فبراير 2018 بعد الحُكم عليه بالسجن مدّة 15 عاماً بتهمة الاعتداء الجنسي على عدد من النساء. 

برز اسم بوعشرين في تسريبات “بيغاسوس” وهو مشروع تحقيقات استقصائية لتحالف من مؤسسات إعلامية من بينها موقع “درج”، كشف خرق حكومات لهواتف صحافيين ونشطاء وحقوقيين مستخدمين برنامج طورته شركة NSO الاسرائيلية المتخصصة في تقنيات التجسس.

تُبيّن تسريبات “بيغاسوس” أنّ المدّعيات على بوعشرين باغتصابهن كنّ تحت الاستهداف ببرنامج “بيغاسوس” ما دفع مؤسسات حقوقية إلى ترجيح أن يكون ابتزّهن للإدعاء عليه، خصوصاً أنّ اثنتين منهنّ قد تراجعتا عن الادّعاء وقالت إحداهما أنّ الشّرطة وضعتها تحت الضغط، وأجبرتها على قول إنّ بو عشرين اعتدى عليها جنسيّاً وتم تزوير كلامها لاحقاً. 

بو عشرين ليس الوحيد الذي لفّقت له التهم، إنّما جملة من الصحافيين المعارضين أبرزهم عمر الراضي، هاجر الريسوني وسليمان الريسوني.

لكلّ منهم قصّة خاصّة إلاّ أن القاسم المشترك بينهم هو معارضة النظام القمعي، فمن لم يسجن، أُجبر على مغادرة البلاد للاستمرار بالعمل. 

عمر الراضي صحافي استقصائي مغربي يقبع في السجن منذ تمّوز/ يوليو 2020 باتهامات عدة أبرزها التجسّس والاغتصاب. ركّز الراضي في مقالاته على العلاقة بين رجال السياسة وبعض الشركات ورجال الأعمال وقضايا الفساد، فضلاً عن مواضيع متعلّقة بانتهاكات حقوق الإنسان والإفلات من العقاب.

في تحقيق ضمن تسريبات “بيغاسوس” نشره موقع “درج” سابقاً بالتنسيق مع منظمة “القصص المحظورة”، وبالتزامن مع 16 وسيلة إعلامية دولية، وبناءً على تحقيق أجرته منظّمة العفو الدوليّة، تبيّن أنّ “استهداف عمر بدأ في بداية عام 2019، وآخر أثر للهجوم، حدده المختبر الأمني في كانون الثاني/ يناير 2020.” 

واكتشف الراضي اختراق هاتفه من خلال مقال انتشر على أحد المواقع الساخرة الذي يُعرف أنّه مرتبط بالمخابرات المغربية بشكل غير رسمي. وتضمّن المقال تفاصيل عن حياته الشخصيّة كرسالة من المخابرات على أنّه يخضع للمراقبة وعلّق الراضي لاحقاً بأنّه نوع من التهديد والمراقبة رغم استخدامه تطبيق “سيغنال” المفترض أنّه آمن.  

تقول والدته، فتيحة الشاربي، في مقابلة مع موقع “درج”، إنّ عمر كان “منذ مدّة طويلة قبل “بيغاسوس”، دائمًا يقول لنا أنه متابع وأنّ هناك من يتبعه ومن يتجسّس عليه. وتضيف، “عمر يعرف لماذا هو اعتقل ويعرف فعلًا أنّه اعتُقل لأنّه أزعج من هم فوق لأنّه بحث ونبش في مواضيع مزعجة.”

الرّاضي لم يقع في فخ “بيغاسوس” وحده، إنّما الصحافية المعارضة هاجر الريسوني كان لها حصّة من ذلك أيضاً. اعتقلتها السلطات المغربية عام 2019 وحكم عليها لمدّة سنة بتهمة الإجهاض غير القانوني وممارسة الجنس خارج نطاق الزواج. تبين أنها استهدفت نظراً لارتباطها بقرابة مع الصحافي والمعارض سليمان الريسوني واستهدفها النظام الملكي عبر اختراق هاتفها ونشر تفاصيل شخصية. خرجت من السجن بعفو ملكي وهي خارج المغرب بعد أن تعذر عليها العيش والعمل بحرية في بلدها. 

تضامن ناشطون حقوقيون وصحافيون مع الصحافية الشابة وأطلقوا هاشتاغات “الحرية لهاجر الريسوني” و”هاجر ليست مجرمة” التي لقت مشاركة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأفادت ريسوني لـ”درج” أنّها تواجه حملات تشهيرية في المغرب لتشويه السمعة وما يلحقها من متابعات قضائية وتهديدات على مواقع التواصل الاجتماعي. أمّا عن كيفية تعاملها مع الموضوع، هي تكشف الممارسات على مواقع التواصل الاجتماعي وتكتب مقالات لما تتعرض إليه إضافة الى دعمها للمجتمع المدني المعارض. 

أمّا سليمان الريسوني، رئيس تحرير جريدة “أخبار اليوم“، فقد اشتهر بمقالاته النقدية عن الفساد في المغرب وأزعجت السلطة وشدّد في مقالاته على الإصلاح السياسي في بلده. 

سليمان الريسوني معتقل منذ 22 ماي 2020، بتهمة “هتك العرض بالعنف والاحتجاز” و”الإعتداء الجنسي” في حقّ شاب مغربي مثلي وحُكم عليه بالسجن خمس سنوات. دافع الريسوني عن نفسه بقوله إن هذه التهمة مفبركة  وتضامن معه حقوقيون وصحافيون معارضون معتبرين الاتهامات جزء من حملة تشهير سياسي لكلّ من ينتقد النظام الحاكم والإدانة سياسيّة كونه من المعارضين الشرسين للنظام. 

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: