ثقافة وفنون

مزارعو كبدانة ..أول من إستخدم السمك كسماد بالريف

هل تعلم عزيزي القاريء أن مزارعي بلدة كبدانة يعدون من الريفيين الأوائل الذين إستخدموا السمك كسماد لزراعة الخضروات، وقد إستخدموه بناء على تجربة عفوية قام بها أحد المزارعين حينما دفن السمك وبعض من تقاوي البطاطس معا في التراب، ليكتشف بعد بضع أسابيع أن نبات البطاطس ينمو بشكل سليم وأن تقاويها تضاعف عددها دون تعفن. وهذه التجربة كانت سببا كافيا لمزارعي كبدانة بإستخدام السمك كسماد لغرس الخضروات منذ ذلك الحين.

.. وتحكي الروايات، أن على وقع هذا الإكتشاف، شاع خبر لدى القبائل المجاورة للبلدة مفاده: ” أن أهالي قبيلة كبدانة يغرسون السمك “؟! فتناقلته الألسن في قالب من الضحك والإستهزاء، فإنقلب المعنى الحقيقي وشُرع الباطل عكس ما يرويه الواقع، لكن لم تدوم الإشاعات طويلا حتى أتاهم الخبر اليقين من الأروبيين كالعادة، حيث إكتشف علماء الزراعة هناك أهمية غرس الأسماك مع الخضروات وخاصة منها سمك السردين، إذ توصلوا الى نتيجة علمية مفادها أن السمك يحتوي على عنصر الفوسفور، وتحلله في التربة يعطي مادة عضوية قوية تساعد على سرعة الإنبات، كما أنها تحمي الخضر من التعغن، مما يؤدي إلى مضاعفة المردودية.

وعلى هذا العهد، أي الى حين عام 1878م كانت بلدة كبدانة تعرف ثروة سمكية هائلة، وطريقة الغرس هذه لم تكن مكلفة بالنسبة إليهم، خاصة وأن الأراضي المزوعة كانت لا بأس بها مقارنة باليوم الحالي.

ومن بين الإشارات التاريخية التي تتحدث عن وفرة السمك بكبدانة نجد كتاب ” Maroc Inonnu 1893/1872″ للسيد Auguste Mouliéras، إذ ذكر في صفحة 181″، عبارة..” تعتبر ملوية من الأنهار الأكثر توفرا على السمك” كما نجد كذلك : The chafarinas islands: Forom 1848 to the benning of the 21st centry B4.Carlos Esquembri Hinojos، وهو كتاب ترجمه السيد محمد عبد المومن ويقول في صفحة 61 من الكتاب المترجم: “..مع إحتلال أراضي قبائل قلعية وكبدانة أصبح بإمكان البحارة الإسبان الإستفادة من مجال بحري واسع معروف منذ القدم بغناه من حيث الثروة السمكية وهو ما تأكد علميا بفضل النتائج التي توصلت إليها البعثة العلمية..”

وعودة الى المعلومة أعلاه، فإن طريقة زرع تقاوي الخضر بالسردين لازالت متبعة الى يومنا هذا في العديد من الدول، إلا أنها مكلفة للبعض منها، لكونها لا تمتلك ثروة سمكية معتبرة، في حين نجد أنها عملية رخيصة بالنسبة للدول التي تحتوي على ثروة سمكيه كبيرة ومهمة، وتعتبر دولة النرويج من بين أحسن الدول التي تنتج البطاطس بهذه الطريقة، لذا تجد بطاطسها هي الأجود والأغلى ثمنا في كل أسواق العالم، وذلك لإحتوائها على كمية عالية من الفسفور، والذي تنتجه طريقة زرع السمك مع تقاوي البطاطس، تماما كما كان يفعله مزارعي كبدانة قديما.

نورالدين شوقي باحث في التاريخ والتراث الريفي الكبداني

حقوق الصورة ل Zany Jadraque on Unsplash

.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: