أخبارأخبار الرئيسيةإصداراتمقالات الرأي

دور الريفيين ببلاد المهجر، قراءة في بيان الريف

إن تاريخ الشعوب المضطهدة هو تاريخ نضال وصراع من أجل إثبات وجودهم وفرض مطالبهم، وفي معمعان هذا الصراع تتولد الأفكار لرسم مسارات متعددة تصب في مشروع بناء نظام سياسي يحترم الاختلاف باسم الديمقراطية.

مناسبة هذا الكلام هو إصدار مجموعة من الفعاليات المناضلة بيان سمي ب” بيان من أجل لريف ” والذي يحتوي على سبعة فصول في سبعة وسبعون صفحة باللغة الفرنسية، إضافة إلى الديباجة والخاتمة. وقد وقعه رفاق يتقاسمون أفكارا وطرحات قد تكون لبنة أساسية لأي نقاش فكري يهدف إلى النهوض بالجدل العمومي.

كون الإنسان كائن إجتماعي يطمح الى الرقي داخل مجموعته البشرية التي يتقاسم معها المجال والثقافة إضافة إلى الطموح والأهداف، هي الدوافع الرئيسية التي أدت بجماهير غفيرة بأوربا الغربية للخروج إلى الشارع للتظاهر في عواصمها والتنديد بسياسة القمع التي ينهجها النظام السياسي المغربي ونصرة مطالب الحراك الشعبي بالريف.

بدأت عملية تهجير السواعد العاملة من الريف بداية الستينيات من القرن الماضي ولم تتوقف بعد لإعتبار أساسي كون عوامل الماضي هي نفسها التي تدفع بالشباب إلى خوض مغامرة ركوب قوارب الموت أو بطرق أخرى مختلفة ولا تقل خطورة.  للحد من هذه الظاهرة على الدولة المغربية أن تستجيب لمطالب الساكنة وللمطالبة بذلك فإن الاحتجاج ورفع عرائض التضامن لا يكفي بل يراكم لأساليب أخرى تؤكد الاستمرارية. ويأتي إصدار ” بيان من أجل الريف ” للتأكيد عن دور الريفيين ببلاد المهجر مساهمتهم الفكرية في طرح أسئلة للنقاش فيها قدر كبير من التوافق.

<< Nous sommes pas dépendants, de telle, ou telle organisation politique. Ce manifeste est une contribution au débat d’idée dans notre vaste population rifaine, est un outil de mobilisation sociale. >> 1

من خلال هذه الفقرة من البيان يتبين لنا أن الفعاليات إما غير منتمية سياسيا إلى إطار حزبي أو تخلت عن العباءة السياسية الحزبية لاعتبارات عديدة قد تأتي فرصة أخرى للحديث عنها، لكن كمتتبع للمشهد السياسي المغربي يمكن القول هناك إجماع عن فشل الإطارات السياسية التي اختارت ممارسة العمل السياسي من داخل المؤسسات موالية كانت او معارضة، بل تم تمييع ومسخ العمل السياسي عن طريق التحكم في أدنى قراراته. ولما كان الوضع كذلك تعين البحث عن خلق البديل الذي يستوعب توجهات مختلفة تتشارك في حد أدنى هي نفسها أرضية النقاش لبيان من أجل الريف. ومن خلال هذا الإصدار القيم يمكننا الحديث عن ثلاثة محاور رئيسية.

 1- الهوية التاريخية للريفيين كشعب مقاوم راكم لذاكرة تاريخية ترفض الهيمنة المركزية والإستبداد.

  2- دور المهجرين بأوربا كقوة إقتراحية فاعلة وإمتداد للمكونات الاساسية في المجتمع الريفي.

  3 – اللائحة المطلبية القابلة للنقاش وفق مرجعيات فكرية مختلفة.

<< Pour les principes de liberté, de dignité et de justice sociale. >> 2

في الفصل الثاني من البيان نقرأ هذا الشعار المركزي الذي استطاع أن يجمع كل مكونات حركة عشرين فبراير والحركات الاحتجاجية التي ظهرت بعد ذلك منها حراك الريف. حرية، كرامة و عدالة اجتماعية.

الحرية :  حرية التعبير، حرية الاختيار السياسي، حرية تقرير المصير الاقتصادي، حرية الأفراد والجماعات في التنظيم، حرية التظاهر، حرية المعتقد، حرية الشعوب في إختيار ممثليها وربط مسؤوليتهم بالمحاسبة…

الكرامة: كينونة الإنسان ماهيته، ضمان حق الإفراد في العمل، السكن، الصحة، التعليم، التنقل والسفر. إقرار نظام سياسي ديمقراطي جوهره تنمية حقيقية وخدمة البشرية.

عدالة إجتماعية : إحقاق العدل بمفهومه الفلسفي والقانوني، التوزيع العادل للثروات، المساواة أمام القانون وتكافؤ الفرص ونبذ التمييز.

المخاض دائما يكون عسيرا وخاصة إذا استحضرنا مجموعة من الشروط موضوعية كانت أو ذاتية، وبالرغم من التحديات التي تحاصر المشهد الريفي يبقى الأمل هو أملنا جميعا في وطن يتسع للجميع وينتفي فيه الظلم والجور والاستبداد، ولنتجاوز كذلك خطابات التخوين أو ما يمكن تسميته بضجيج صرارير الليل بعد غزوة النعل ورجم الصور وحرق الأعلام وحمل أعلام شعوب أخرى إلى جانب علم الريف التاريخي لا لعزته وجلاله بل لتدنيسه وتشويهه والانتقاص من قيمته من حيث لا يحتسب الغفلة.

لا يسعنا إلا أن نحيي هذا المجهود الفكري وكل من ساهم من قريب او بعيد في خلق نقاش فكري سيراكم لا محالة لبلورة خريطة الطريق نحو غد أفضل.

عاشت الجماهير الشعبية.

محمد اكوح بروكسل.

للاطلاع وتحميل الكتيب انقر على ايقونة التحميل اسفله :

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: