أخبار الرئيسيةثقافة وفنون

قصة الطوفان او بحيرة مارتشيكا تاريخيا، قصة “Alami Dsfyen U’aman”

عهد ” ALAMI DSFYEN U’AMAN”..أو قصة الطوفان الذي أغرق قرية بأكملها بسبخة بوعرك.

الى عهد قريب كانت تروى حكاية على لسان عجائز و شيوخ كبدانة وقلعية مفادها ” أن سبخة بوعرك لم تكن تتواجد في موقعها الحالي، بل كانت الى زمن ليس ببعيد، عبارة عن أراض شاسعة، فيها أجنان من الزرع والغرس.. وأن الشريط الطبيعي الذي يفصل حاليا مياه البحيرة أو LB’her amziane ومياه البحر المتوسط، كان عبارة عن خط ساحلي مباشر يربط أركمان بمليلية.. وقد إتخذه أهالي بلدة كبدانة طريقا سهلا لإختصار المسافة الفاصلة بين قبيلتهم ومدينة الإسبان.

.. وتحكي الرواية أن ذات يوم وفي ليلة من النو، فاض ماء بحر المتوسط وغمر سواحل كبدانة و سهل بوعرك وكذا ساحل قبيلة قلعية، وبعد مضي سنتين على زمن الحادث عاد البحر الى مستواه الطبيعي، لكن بعد أن خلف ورائه برزخ من اليابسة يفصل المائين؟! وبحيرة صغيرة عرفت فيما بعد بأسماء مختلفة، كسبخة بوعرك أو LB’her Amziane – وهو الإسم الأصلي الذي نقله الإسبان عن أهالي هذه المنطقة حينما إقتحموا أراضيهم لغرض الإحتلال، فترجم حرفيا الى Mar- chika وهو اليوم الإسم الأكثر شيوعا وتداولا بين الناس.

وتضيف الرواية أنه، حينما تقلص حجم البحيرة بسبب التبخر، تحولت الى مستنقع، كان قاطني الساحل يستمدون منه كميات كبيرة من الملح يبيعونه للقبائل المجاورة، لكن لم تمض إلا سنوات قليلة على الواقعة الأولى، حتى عاد الطوفان وضرب المنطقة مجددا، وهنا قيل أن المياه جرفت العديد من المداشر وأهلكت أهلها جميعا..”

هذه هي إذن قصة ” Alami Dsfyen U’aman” التي كان يرويها لنا الأجداد في الماضي..قصة تاريخية متماسكة ومحكمة البناء، أعتمد فيها على أخبار لا تكاد تختلف بين الرواة.. لم يحدد فيها تاريخ الحدث، لكن يؤرخ له بعهد ” ألمي دسفين ومان”.

وهذا الإستهلال الشفهي للحكي ب” حينما فاض الماء”، ذهب البعض به الى قول، أن الرواية مجرد حكاية طريفة قد إنزلقت نحو أساطير الأولين، كونها قصة بدون سند مكتوب في حين ذهب الفريق الأخر الى قول أنه ليس منطقيا إنكار واقع تاريخي بمجرد غياب أي أثر مكتوب عنه فالفراغ لم يكن في الواقع وإنما في الأدبيات.

.. وبحكم ان الروايات التاريخية الشفوية لا تتأسس على فراغ حتى وإن لم تكن مدونة، فبدورنا عمقنا البحث ونبشنا في تفاصيل قصة الطوفان تلك، الى أن إكتشفنا روايتين تاريخيتين، إقتبسناهما من مصدرين مختلفين، نعتقد وبدون شك أنهما سيكونان بمثابة برهان قاطع يثبت به صحة حدث الطوفان حتى وإن إختلفت الروايات في النقل والخبر.

.. الرواية الأولى جاءت على لسان Auguste Mouliéras، مدونة في كتاب المغرب المجهول- الجزء الأول، إكتشاف الريف 1872/1894- ترجمة وتقديم د. عز الدين الخطابي – الصفحة 152.

يقول فيها “..فهم يحكون ( أي شيوخ قلعية) بأنه في الأزمان السحيقة كان البحر يغمر كل السهول ..ثم بعد ذلك إنحسرت مياه البحر الى حدود مليلية تاركة ورائها أرضا مالحة عند سفح الجبل بني شيكر ..تشكلت حفرة هي بحيرة بوعرك المسماة أيظا بحر مزوجا أو سبخة بوغمرون..” ويضيف قائلا: .. “في قديم الزمان كان هناك شريط من اليابسة يفصل بين البحيرة والبحر الأبيض المتوسط، وقد سكنته عائلات عديدة.. بعضها في الخيام وبعضها في بيوت مشيدة وكونت مدشراً مهماً وكان الجميع يشتغل في ملح البحيرة ويبيعونه للقبائل الريفية المجاورة كما كانوا يفعلون بالسمك الذي يصطادونه من البحيرة. وذات ليلة وسط البرق والرعد والعاصفة القوية إقتحمت أمواج البحر المتوسط البرزخ المعمور، وجرفت المياه كل ما وجدته في طريقها من البيوت والرجال والنساء والأطفال والدواب كقشة من العشب. وهكذا غرقت ثلاثة دواوير بمن فيها وإختفى الشريط لمدة عامين تحت الماء.. وبعد ثلاثة أو أربعة أعوام ظهر الشريط من جديد عندما بدأ البحر في التراجع..”

مقتطف من النص الأصلي المكتوب بالفرنسية..ص145

…" Une nuit, il y a cinq ou six ans, au milieu des éclairs et des convulsions de la tempête, eut lieu la première irruption des grandes eaux. La Méditerranée, sortant de son lit, poussa ses vagues monstrueuses sur l'isthme, affolant les malheureux sauniers, roulant comme des brins d'herbes, hommes, femmes , enfants et bestiaux, des tentes nageaient, enlevées sur la crête des lames,. Trois Douares entiers les plus rapprochés de la mer furent engloutis, la montée des eaux ne se ralentit pas durant quatre jours et quatre nuit …"

أما الرواية الثانية فقد جاءت مدونة في كتاب: El Rif- territorios de Galaia y Quebdana – Rafael fernandez de castro y perdera – 1911 ويقول في صفحة 89..

في عام 1887م فتحت عاصفة شرقية قوية قناة بالقرب من Restinga، دخلت المياه “البحر الصغير” بشكل مخيف. وفي ليلة واحدة فاض الماء على المآت من الهكتارات..وتقول رواية السكان الذين كانوا يقطنون مليلية في ذاك الزمان.. أن عدد الضحايا بسبب هذه الظاهرة كان كبير جدا حيث غطى الفيضان قرية كبيرة كان قاطنيها غالبيتهم عمال ملح.. ومنذ ذلك الحين والعواصف تعصف على هذه السواحل كل وقت وحين ..وقد ضلت البحيرة على حالها مليئة بالماء ولم تتصحر منذ عام 1906م.

النص الإسباني الذي ترجم معنى الى العربية:

año 1887, un fuerte temporal de levante, abrió un canal por cerca de la Restinga, entrado en mar chica el agua con tal violencia, que parece que en una noche quedó nivelda la laguna, diciéndose por referencias de personas que vivian en Melilla por aquella fecha, que los moros dieron cuenta à la plaza de haber sido enorme el nūmero de victimas que ocasionó este fenómeno, por haber cubierto la crecida un gran caserio de salineros que habia à corta distancia de donde joy se hallan los mal llamados pozas de Aogras,en la llanura de Bu-arg. Otro temporal de levante que tan frecuentes son en estas costas, volvió à cerrar la laguna en el año 1906.
Desde entonces acá, continuó la descasión de mar chica, que no tuvo à partir de 1906 màs aporsionnes.

نورالدين شوقي
باحث في تاريخ وتراث كبدانة

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: