أخبارأخبار الرئيسيةسياسة

“إسبانيا قامت بتسليمنا إلى ملكية ديكتاتورية” جمال مونا

ترجمة للحوار الذي أجراه الصحفي الكاتالوني ÀLEX ROMAGUERA مع الناشط واللاجئ السياسي الريفي بكاتالونيا جمال مونا، لفائدة الجريدة الكاتالانية La Directa.

سرعان ما مرت خمسة أشهر منذ وصول جمال مونا إلى الفندريل (بلدة نواحي مدينة طاراكونا الكاطالانية)، بعد عبوره لمضيق جبل طارق هربا من قمع الحكم المغربي، فقد كان أحد ضحاياه خلال الإختطافات التي شهدها الريف إبان الحراك الشعبي.

وقد سجن جمال لمدة عامين بسجن عكاشة بمدينة الدار البيضاء لمشاركته في الحراك الريفي، الذي هو حراك شعبي للدفاع عن حقوق ومصالح المجتمع الريفي، كما اعتقل مونا مجددا في وقت لاحق بعد حمله لعلم الجمهورية الريفية في مسيرة سلمية ببلدة تماسينت، جنوب الحسيمة.

ولد الناشط الريفي جمال مونا عام 1980 في مدينة الحسيمة، واحدة من المدن الريفية الساحلية الكبرى على البحر الأبيض المتوسط. ينتمي جمال إلى الجيل الأخير الذي يواجه الحكم المغربي برئاسة محمد السادس، وقد عايش بالفعل قمع السلطات عندما كان طفلا، “أتذكر، وفي عمري أربعة سنوات فقط، ضباط شرطة مغاربة يحطمون باب أحد المنازل ويأخذون اثنين من أفراد الأسرة” يقول جمال [في إشارة إلى مجازر 1984 في كامل مدن الريف وإلى خطاب الكراهية الذي ألقاه المقيم العام الفرنسي سابقا المقبور حسن العلوي ].

في انتظار قبول طلب اللجوء السياسي الذي تقدم به، إلتحق مونا بجموع الشتات الريفي المتواجد بأوروبا للاحتجاج على ممارسات الحكم العلوي. ورغم صمت الغرب، يكافح مع رفاقه من أجل أن يسترجع الريف مرة أخرى حرية جمهوريته وسيادتها.

¤ في 18 يناير 2021 وصلت عبر زورق الى ساحل موتريل (الأندلس) مع خمسة عشر من أصدقائك، هل كنت بحاجة إلى الفرار من المغرب؟

• بعد أن سجنت وعانيت من اعتقال ثان، كان من المستحيل الاستمرار في الحراك الريفي والنضال في الشارع، لم يكن لدي خيار آخر من غير المغادرة، لأن الاضطهاد ضدي كان لا يطاق. عندما أخرج للإحتحاح في الشارع، يقوم عملاء المخابرات المغربية بتصويري ومراسلتي عبر رسائل تحمل تهديدات من جميع الأنواع، كما يعملون على إرهاب والدتي وتهديدها كي أتوقف عن أنشطتي، مع الوعيد بأنهم سيسجنونني مرة أخرى.

¤ لقد استقريت في كاطالونيا، وتحديدا في بلدية الفندريل، هل كنت تخطط لذلك مسبقا قبل وصولك إلى الساحل الأندلسي؟

• كان احتمالا، لأنه في كاطالونيا يتواجد مجتمع ريفي جد منتظم، لذلك تيسر لي الحصول على دعم من مختلف التنظيمات المتواجدة هنا. غير أن مجموعة ريفية أخرى ممن رفاقني في العبور، قررت الانتقال إلى بلجيكا أو هولندا، حيث يوجد أيضا جالية ريفية كبيرة تعمل على دعم النشطاء في طلبات اللجوء وتقوم بمساعدة عائلاتهم في الريف.

¤ متى بدأت العمل في المجال السياسي؟

• أنا واحد من الشباب الريفيين الذين ناضلوا ضمن حركة 20 فبراير، التي انطلقت في فبراير من عام 2011 للتنديد بالتمييز الذي يعاني منه المجتمع الريفي على أيدي الحكم الملكي المغربي. ثم تابعت نشاطي خلال الحراك الشعبي الريفي، الذي انطلق بعد طحن الشهيد الريفي محسن فكري (تاجر أسماك) في 28 أكتوبر 2016.
فمنذ طفولتي وأنا متأثر بالقيم الديمقراطية التي جسدتها الجمهورية الريفية بقيادة زعيمنا محمد بن عبد الكريم الخطابي (1921-1926). غير أن إسبانيا بعد انتهاء فترة إحتلالها العسكري للجزء الشمالي من الريف، قامت بتسليمنا إلى الحكم المغربي الديكتاتوري للأسف. ومنذ ذلك الحين، ونحن نرى أن العسكرة والاعتقالات والقمع والتخويف ضد الريفيين صارت من ثوابت السياسات المغربية.

“في الريف لدينا ثقافة جمهورية مغايرة للملكية، حيث يكتسي الشعور بسلطة المجتمع الريفي طابعا مهما جدا”

جمال مونا

¤ ماذا يميز الريف عن باقي مناطق المغرب حتى يعاني من كل هذا الاضطهاد؟

• ثقافتنا الجمهورية، حيث تكتسي سلطة المجتمع طابعا مهما جدا في الريف. لذلك لم نقبل أبدا بالسلطوية الملكية، والتي بصرف النظر عن مهاجمتها للثقافة واللغة الريفيتين فإنها تمنعنا من الوصول إلى وظائف معينة أو حتى من أن نتلقى الرعاية الطبية المناسبة. أنا اعاني من جرح في الساق ولم أستطع الحصول على موعد قريب بمستشفى المدينة، كما أن المتضررين من السرطان يتم إرسالهم بعيدا إلى مدن مغربية كفاس والرباط ومدن أخرى لتلقي العلاج، هذا رغم مطالبتنا لسنوات بمستشفيات لعلاج السرطان بالريف لكن حكام المغرب لا يصغون لأي مطالب شعبية.

¤ لقد عاينا أن الموارد الطبيعية بالمنطقة محدودة، هل هي استراتيجية عقاب صامتة؟

• لقد أغلق الحكام المغاربة جميع الأبواب أمام تنمية الريف، إلى حد تأسيسهم مافيات تتخصص في استغلال واستنزاف نبتة الكيف الريفية وفي احتكار تراخيص استخراج المعادن. ويضاف إلى ذلك تدمير الشركات والمقاولات الريفية الصغيرة، وأيضا إعدام البحارة والفلاحين باستهدافهم في مصادر ثرواتهم التي هي بالأساس أحد المصادر الرئيسية لعيش الآلاف من الريفيين. أما استمرارنا على قيد الحياة فالفضل يعود إلى التضامن المادي لإخواننا الريفيين المتواجدين في جميع أنحاء أوروبا.

¤ دستور 2011 الذي أتى كرد فعل على الإحتجاجات التي شهدها المغرب آنذاك، ألم يغير شيئا في السياسات المعتمدة؟

• كانت مناورة دعائية ليس إلا. فمثلا، قد يمنحك هذا الدستور الحق في التظاهر، لكن قد يتم اعتقالك في أي وقت دون أن يتم حتى إبلاغ عائلتك أو تقديم أي مساعدة قانونية لك. هذا الدستور ليس سوى ماكياج يستخدمه حكام المغرب في مواجهة الرأي العام الدولي، لتلميع صورة الواجهة الخارجية للحكم بالمغرب، بينما يواصلون انتهاكه داخليا باستمرار.

¤ ما هو المستقبل الذي تراه للريفيين؟

• نحن نعرف اليوم أن أوروبا تنظر في الاتجاه الآخر، ولكن مع ذلك، يجب علينا الاستمرار في النضال والثقة في تحركات الشباب والنساء الريفييون/ات خلال السنوات الأخيرة. إن هذه القوة التي أعطاها لنا الحراك الريفي، بالموازاة مع تدهور صورة محمد السادس [آخر ملوك العلويين] نتيجة الحوادث المسجلة مؤخرا في سبتة ومليلية، هي حقائق تعطينا الأمل في أننا سنصل يوما ما إلى تقرير مصيرنا ونستقل عن الحكم المغربي، كي نعود كما كنا قبل قرن من الزمن ونسترجع الجمهورية الريفية الموؤودة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: