أخبارأخبار الرئيسيةأخبار دوليةسياسة

نيو يورك تايمز الأمريكية: المغرب استعمل المهجّرين كبيادق لإبتزاز إسبانيا وأوروبا

كشفت الأزمة بين المغرب وإسبانيا، عن استعمال المغرب للأطفال للضغط على إسبانيا، واتضح أنها تتخطى الضغط من أجل الحصول على المزيد من الأموال من الإتحاد الأوروبي، على غرار الأزمة التي اندلعت بين تركيا والاتحاد الأوروبي بسبب تدفق المهجرين بعد الربيع العربي حيث كان الأتراك يسعون إلى الحصول المزيد من الأموال لحماية الحدود.

في هذا الصدد نشرت صحيفة “نيونيورك تايمز” الأمريكية على الصفحة الأولى بالبنض العريض: “تعالوا يا شباب – ‘Come On In, Boys’ مقدمة لتقريرها حول أزمة المهجرين، من زاوية إنسانية تتطرق لمعاناة المهجرين الذين قالوا في تصريحات متباينة: “جرى استعمالنا كبيادق”.

وكتبت الصحيفة أن مسؤولين بالحكومة الإسبانية وخبراء آخرون قالوا إن المغرب ينظر بشكل متزايد إلى المهجرين على أنهم نوع من العملة ويستفيد من سيطرته عليهم لانتزاع هدايا مالية وسياسية من إسبانيا، وقال بيدرو سانشيز، رئيس الوزراء الإسباني، يوم الإثنين: “من غير المقبول أن تسمح الحكومة بشن هجمات على حدودها بسبب الخلافات حول السياسة الخارجية”.

وقال داودة فاي، وهو مهجر من السنغال يبلغ من العمر 25 عامًا، في مقابلته مع صحيفة “نيونيورك تايمز”: إنه شعر بالسرور عندما سمع أن حرس الحدود المغاربة قد بدأوا فجأة في التلويح إلى المهجرين غير الشرعيين عبر الحدود إلى سبتة لقطع الحدود، وعند وصولهم سمع الحرس الإسباني يُنادي: “تعالوا يا شباب”.

Young migrants sitting amid concrete blocks near the Spanish enclave of Ceuta in North Africa.

ويسيطر المغرب بإحكام على الحدود المسيجة حول سبتة، وهي شبه جزيرة يبلغ طولها ستة أميال على الساحل الشمالي للمغرب والتي تحكمها إسبانيا منذ القرن السابع عشر، لكن جيشها يسمح الآن للمهجرين بالدخول إلى موطئ قدم أوروبا هذا.

وتدفق ما يصل إلى 12000 شخص عبر الحدود إلى سبتة على أمل الوصول إلى البر الرئيسي لإسبانيا، واجتياح المدينة التي يبلغ عدد سكانها 80 ألف شخص.

وبعد ساعات من بدء تدفق المهاجرين إلى سبتة، وافقت إسبانيا على منح المغرب 30 مليون يورو، أي حوالي 37 مليون دولار، لمساعدة المغرب في حراسة الحدود.

سيناريو تركيا يُعاد انطلاقا من الفنيدق

وأشارت الصحيفة الأمريكية، أن الصفقة التي جرى على اثرها الموافقة على منح المغرب 30 مليون يورو، تذكرنا بصفقة تركيا مع الاتحاد الأوروبي والتي تم بموجبها دفعها لوقف تدفق المهجرين على الشواطئ الأوروبية بعد الربيع العربي وعقود من الاضطرابات في أفغانستان.

ولسنوات طويلة كان المغرب نقطة انطلاق للمهجرين واللاجئين القادمين من شمال وغرب إفريقيا، الذين يسعون لبدء حياة جديدة في أوروبا، وبلغة الأرقام، فإنَّ ما يصل إلى 40 ألف مهاجر غير شرعي من دول أخرى موجودون في المغرب، وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، وهي وكالة تابعة للأمم المتحدة.

In two days, as many as 12,000 migrants crossed the border of the Spanish enclave of Ceuta, engulfing the city of 80,000.

وغالبًا ما تكون القوات المغربية واحدة من آخر العقبات في رحلة شاقة للمهجرين، حيث تقوم بدوريات على الحدود البرية والمائية واستعادة العديد من المرحلين الذين فروا إلى سبتة ومليلية، بموجب اتفاق بين البلدين.

وفي مقابل ذلك، تفاقمت التوترات بين البلدين بشأن المهاجرين خلال الوباء الذي أصاب الاقتصادات على جانبي الحدود بالشلل، وتلقى المغرب بالفعل ما يقدر بنحو 13 مليار يورو من أموال التنمية من الاتحاد الأوروبي منذ عام 2007 مقابل ضوابط صارمة على الحدود، يقول الخبراء إنها تسعى لمزيد من تحويلات الأموال هذا العام.

توتورات تتجاوز السعي إلى التمويل

وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن مصالح المغرب وتوتراته مع إسبانيا تتجاوز التمويل، إذ في أبريل، قالت إسبانيا إنها سمحت بإدخال إبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو التي اعلنت أنها في حالة حرب مع المغرب، إلى المستشفى في البر الرئيسي لإسبانيا بسبب اصابته بكوفيد-19.

وفي أوائل ماي، حذرت وزارة الخارجية المغربية إسبانيا من أنه ستكون هناك عواقب بسبب استقبال زعيم البوليساريو، وقال خوسيه إجناسيو توريبلانكا، أستاذ السياسة بالجامعة الوطنية للتعليم عن بعد في مدريد، إن المغرب يستخدم الآن سيطرته على المهجرين على الحدود للضغط على إسبانيا للوقوف بجانبها في نزاع الصحراء – على غرار إدارة ترامب، التي اعترفت العام الماضي بالسيادة المغرب على الصحراء، قائلا: “إنهم يستغلون الهجرة كسلاح”.

People hold placards as they protest against Brahim Ghali, Secretary General of the Polisario Front, outside Spanish High Court in Madrid, Spain, June 1, 2021. (Reuters)

وفي بداية الأسبوع الجاري لم ترد وزارة الخارجية المغربية على اتهام إسبانيا بأنها استخدمت الهجرة للضغط، وقالت في بيان “أصول الأزمة معروفة جيدا، خاصة من قبل الجمهور الإسباني”، ولم تخض في مزيد من التفاصيل.

وترك هذا الوضع المهاجرين مثل فاي، وهو طالب جامعي كان يأمل في الدراسة في باريس، ينامون على شاطئ على ساحل سبتة الصخري، ويمكن رؤية صخرة جبل طارق من بعيد، وقال لـ”نيويورك تايمز”: “لقد استخدمونا كبيادق”.

وأضاف المتحدث ذاته إنه كان يعيش كمهاجر غير شرعي لمدة عام في الدار البيضاء وعندما سمع في منتصف ماي أن حرس الحدود المغربي يسمح للناس بالعبور إلى الأراضي الإسبانية، حزم جواز سفره وجهاز الكمبيوتر وزوجين من الأحذية قبل ركوب سيارة أجرة إلى نقطة بالقرب من الحدود.

وقال داودة فاي، مهاجر من السنغال غير الشرعي يعيش في المغرب، “لقد استخدمونا كبيادق” وقدم له الجنود المغاربة بعض النصائح إذ طلبوا منه الاستمرار سيرًا على الأقدام، وفقًا لإفادته لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

فقدان السيطرة على الوضع

وبحلول صباح يوم 17 ماي، بداية التدفق الذي استمر يومين، كان كثيرون آخرون يصلون إلى سبتة عن طريق البحر، وسارعت وحدات الإنقاذ الإسبانية لإنقاذ الأطفال حيث جرفت التيارات العوائل أثناء محاولتها السباحة حول السياج الحدودي.

وأظهرت مقاطع فيديو حرس الحدود المغاربة وهم يفتحون بوابة مع تدفق المزيد من المهجرين برا، أما بالنسبة لأولئك الذين نجحوا في الوصول، فإن العديد من الملاجئ التي غمرتها المياه أدت إلى إبعاد الوافدين الجدد من المهجرين، تاركين الكثيرين لتدبير أمورهم بأنفسهم على شواطئ سبتة وخنادقها.

وقال براوليو فاريلا فوينتيس، الذي يقود فريق إنقاذ مائي مع الحرس المدني الإسباني، إن التقارير بدأت تصل حوالي الساعة الثامنة صباحًا من 17 ماي عن مجموعة من المهاجرين كانوا يسبحون حول سياج حدودي.

وفور وصوله إلى الموقع وجد سبعة أشخاص معظمهم من الرجال، لكن الأعداد كانت تتزايد. بحلول الساعة 2:30 ظهرًا، كان هناك المئات في المياه، بما في ذلك عائلات بأكملها مع أطفال صغار لا يستطيعون السباحة قائلا: “كيف يمكن أن يرموا أنفسهم في الماء مع طفل رضيع؟”.

وقال المتحدث ذاته في مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز”: إنه تم العثور على جثتي مهاجرين في وقت لاحق، من المحتمل أنهم غرقوا في ذلك اليوم.

وقامت السلطات الإسبانية بترحيل نحو نصف المهاجرين، معظمهم من المغاربة، خلال الساعات الأولى رغم ضغط واعتراضات منظمات حقوق الإنسان، ويمكن للقصر البقاء قانونًا بموجب القانون الإسباني، جنبًا إلى جنب مع طالبي اللجوء.

وفي غضون يومين، عبر ما يصل إلى 12000 مهاجر حدود الجيب الإسباني سبتة، واجتاحوا المدينة التي يبلغ عدد سكانها 80 ألف نسمة وقال جون سكوت، 25 عاما، من ليبيريا ، إنه غادر منزله في 2015، مرورا بمالي والنيجر والجزائر قبل أن يصل إلى المغرب، الآن، هو في سبتة وبدون مأوى، وهو وضع أكثر كآبة من الوضع الذي غادره”أي نوع من الفرص هذه؟” يقول سكوت متسائلا، مشيرًا إلى مكان نومه بالقرب من كاسر الأمواج .

Image

ويبدو خوان سيرجيو ريدوندو، الذي يقود الفرع المحلي للحزب اليميني المتطرف في إسبانيا “فوكس” منزعجا من هذا الوضع لأسباب مختلفة، في حين أن موجات المهاجرين دخلت إسبانيا من قبل، إلا أنها لم تصل إلى هذه المستويات.

وقال إن الوافدين يغيرون الطبيعة “الإسبانية” لسبتة” مضيفا: “لقد انتقلنا من مدينة في البحر الأبيض المتوسط ​​ذات طابع أندلسي إلى مدينة أصبحت مثل جزء من المغرب”.

وفي الأسبوع الماضي، خطط حزب “فوكس” لتجمع حاشد في سبتة، سرعان ما تم التخلي عنه حيث نزل الآلاف من المتظاهرين من الجالية المسلمة في سبتة إلى الشوارع، واستحوذوا على رمز غالبًا ما يرتبط في إسبانيا باليمين المتطرف، وقام المئات بقرع الأواني، واشتبكوا مع الشرطة التي طاردتهم في أزقة سبتة بالهراوات والبنادق.

وقال خوان خيسوس فيفاس، رئيس بلدية سبتة: “هذه بذور الخلاف، هذا ليس شيئًا يمكن التلاعب به”، وقالت نوريمن عبد السلام محمد، طالبة إسبانية تبلغ من العمر 15 عامًا كانت في المسيرة، إنها غاضبة من أن أي شخص قد يشكك في ولائها بسبب أصولها المغربية.

وأضافت: “إنها شعرت بالتضامن مع المهاجرين” وقالت: “إنهم أشخاص أتوا من أجل وظيفة، وإذا أتيت إلى هنا، فينبغي أن نرحب بك”.

وعلى شاطئ آخر في الشارع المطل على الجبال في أوروبا، قادت حليمة حسن، وهي من سكان سبتة، سيارتها، بعدما كانت قد أمضت معظم اليوم في صنع شطائر الطماطم – حوالي 200 منها – لتوصيلها إلى مجموعة من الوافدين الجدد المخيمين على الشاطئ، ووصل حشد جائع بسرعة لأخذ الفطائر.

وبعيدًا عن وهج أضواء الشوارع، كان المهاجرون يرتبون أسرتهم على الشاطئ، وتحدثت مجموعة من مواطني غرب إفريقيا باللغتين الإنجليزية والفرنسية عما فعلوه قبل وصولهم إلى سبتة، كان أحدهم يعمل في صالون تجميل، وقال آخر إنه سياسي معارض في غينيا يبحث عن اللجوء السياسي.

وفي صباح اليوم التالي، افتتحت صباح أحمد، صاحبة متجر تبلغ من العمر 59 عامًا، منزلًا فارغًا تملكه حتى يتمكن المهاجرون القريبون من الاستحمام، بسبب عدم وجود حمامات كافية في المنزل، وطلبت السيدة أحمد من الرجال تجريد ملابسهم وفركها بالصابون بينما قام شخص ما بغسلهم.

وقالت السيدة صباح إن قلة قليلة خارج سبتة بدت مهتمة بمحنة المهاجري، لكنها رأت أن سبتة مدينة صغيرة حيث لا توجد مساحة كافية في الجيب الصغير لكل من أراد المجيء.

وقالت:هذه نصيحتي: “على المدى الطويل، سيكون من الأفضل أن تعود إلى منزلك “.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: