أخبارأخبار الرئيسيةثقافة وفنون

مساهمة فرقة Tidrin في حداثة موسيقى الريف

يعتبر حسن الفارسي فنانا ريفيا عصاميا ستينيا، وشغوفا بالفن الريفي، وكذلك يعتبر باحثا في اللغويات، محب للريف الوطن، ودائم الحضور في أغانيه، وذو نظرة حية وصادقة، شكلت أغانيه تطويرا ومحاكاة للواقع الريفي، كما أنه خدوم وكتوم لا يحب الأضواء.

ساهم حسن الفارسي الملقب ب «ḥasan tidrin» بشكل وافر في حداثة الموسيقى الريفية، فقد كانت مكتبته لا تخلو من معلومات يبحث عنها عطشى المعرفة، ومدرسة ذات سعة صدر في نقل المعرفة إلى الجيل الصاعد (نورالدين حوجي، سعيد بومدين، نجاح بوسيوع، فيصل تشيندو، مصطفى…، عبد الوافي الكريمي، عبد الكريم الهادي) هذا الأخير الذي كان يوفر للمهتمين بالفن بيته لتتعلم الجماعة مبادئ الشعر والموسيقى والتلحين، ولم يكن المحل يخلو من زيارات فناني مدينة الحسيمة وإمزورن وباقي المداشر (أحمد أقعان، قاسم الورياشي «قوسميت»، نورالدين لهيت «بوشعا»، خالد اليحياوي، نجيب أمازيغ، وباقي الباقة الفنية الحسيمية…). كل هؤلاء ساهموا بحق في بناء ثقافة مدينة الحسيمة المتعددة الروافد (قبائل الريف، الثقافة الإسبانية….).

شكل حسن الفارسي سنة 1975 بمعية زملائه في المدرسة فرقة Tidrin الذين كانوا يتقاسمون شغف الثقافة والموسيقى والتصوير الفوتوغرافي والأدب الوجودي (جون بول سارتر)، فكانت تجربتهم عن حق تجديدا واعيا من داخل النمط الثقافي التقليدي السائد.

مع فرقة Tidrin بدأت لمسات الحداثة تهب على مستوى كل من الغناء والشعر دونما قطيعة مع التراث (izran) حيث سيحدث تحول ملحوظ في شكل القصيدة واللحن، ما تزامن مع نشأة فرقة Tidrin.

فرثة ثذرين الحالية

هذه النقلة ستسفر عن تسجيل الشعراء لأسمائهم تحت قصائدهم وبالتالي دخولهم تاريخ الشعر الغنائي الفني الريفي، والنقطة الإيجابية هنا أن المغني أو المؤدي سيصرح بأسماء مبدعي القصائد الشعرية التي قام بتلحينها، وما يسجل في هذا السياق أن هؤلاء المبدعين يعتبرون من خريجي المؤسسات التعليمية وهو ما يغذي هذه النقلة الشعرية بمميزات فنية نظرية مأخوذة من نظريات الأدب العالمي، وهو ما كان مفتقدا في التيار الشعري الغنائي الأول (المشايخ) ، فولوج الطلبة الريفيين إلى المؤسسات التعليمية والثقافية خاصة الجامعية كان له كبير الأثر في ظهور القصيدة الريفية الحديثة المكتوبة، التي وجدت جمهورها في المنظمات الثقافية والسياسية، فضلا عن النشاط الغنائي الحديث، الذي لم يكتف بتحديث شعره الريفي فحسب بل لجأ إلى تحديث آلاته الموسيقية أيضا، والتي يؤرخ الفنان قاسم الورياشي المعروف بقوسميت qusmit لدخولها مدينة الحسيمة مع بداية الستينات.

بين الأغنية الشرقية والغربية اختارت فرقة Tidrin الحل الوسط، أو إحياء الجذور، في محاولة لرسم إتجاه غنائي أكثر ارتباطا بواقع الريف وخصوصياته الثقافية واللغوية والتاريخية، ويتمثل ذلك في اختيار الفرقة للأغنية الأمازيغية الملتزمة بقضايا المجتمع.

صورة من المظاهرات السلمية لحراك الريف

ولم يكن ذلك ممكنا لولا تلك المعرفة العميقة بالتاريخ والتراث الريفيين، بالخروج إلى الميدان ومحاولة جمع ما يصول ويجول من أشعار قيمة في الوسط الشعبي تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر، ما يحيلنا على لحظات تاريخية جد هامة ودالة، ما أتاح للفرقة دخول ميدان الفن بمضمون ورؤية ذاتية للهوية، منطلقين، من لب وأصل ثقافة الريف وهو ما جعل أعمالها الفنية قريبة، من الذوق المحلي وفي ارتباط دائم بالموروث الفني الريفي.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: