أخبارأخبار الرئيسيةتاريخ

امرأة من قبيلة كبدانة كادت أن تتسبب في حرب بين قبيلة ريفية وفرنسا سنة 1856م

بداية القصة كانت في شهر ابريل من عام 1856م، حينما قام اهالي كبدانة بشن حرب على مسيردا بإقليم دائرة نمور الغزوات في الجزائر، التي كانت محتلة من فرنسا في ذلك العهد، وهذا العدوان كان سببه امرأة من كبدانة.

.. يقول المصدر التاريخي الذي استقينا منه هذه المعلومة..
أن امراة من كبدانة تعرضت للضرب من قبل زوجها فهربت من دار هذا الأخير الى ان إلتحقت برجل يدعى “لحسن بن سيحو” كان يقطن ببلدة تقع على الحدود مع السعيدية تسمى مسيردا.. فمكثت معه الى حين.

ويضيف المصدر.. انه كان من الممكن للزوج ان يلتجأ الى القاضي لتسوية هذه القضية بسهولة.. لأن القانون الشرعي المعمول به انذاك كان يسمح للزوج ان يطلق زوجته الهاربة من بيت الزوجيه وكان يسمح شرعا كذلك للزوجة التي تعاني من سوء المعاملة من قبل زوجها ان تقدم طلب الطلاق للقاضي.

لكن كلاهما لم يستصغيا الأمر ولم يفهماه على هذا النحو.. بل حينما وجد الزوج نفسه في موقف مثير للسخرية الى حد ما طلب من اهل قبيلته ان يتبنوا قضيته، فأصروا على الفرنسيبن بإعادة او بعودة الزوجة، الا ان هؤلاء لم يوافقوا على الطلب.

وحسب ردهم، كان ذلك لأسباب تتعلق باحترام المشاعر ولأسباب سياسية.. كما أن هذه المرأة حرة والأمر متروك لها وحدها لاتخاذ القرار. رفضت الهاربة العودة إلى منزل زوجها بعد إبلاغها بالأمر، وفضلت البقاء مع سيحو الذي كان يعيش في قرية أولاد بن عيد من قبيلة مسيردا، فقررت قبيلة الزوج في الأخير استخدام القوة.

وفي مساء يوم 21 من شهر ابريل حمل نحو مائة رجل السلاح وانطلقوا الى ارضي مسيردا..وصلوا بالقرب من دوار أولاد بن عيد، دون أن تبلغ عنهم القبائل التي كانت في طريقهم.. كأولاد منصور وبني منكوش وأولاد بن عزة.

ومع بداية الليل وقرابة الساعة التاسعة وصل هؤلاء إلى منزل المعني .. فحاصروه. وعلى إنذار صوت نباح الكلاب ذهب والد “لحسن بن سيهو” ليرى ما يحدث.. ليتم طعنه على الفور ثم لقي أحد الطلاب الذي كان قد استضافه نفس المصير..كما لم يتردد لحسن بن سيحو في التخلي عن عشيقته وهرب نحو البحر ونيران المهاجمين تلاحقه.. لم يضيعوا وقتهم في ملاحقته، لأن الغرض من الرحلة كان إخراج المرأة من مساهمها وبعد اكتشافها اخذوها وتراجعوا وتمكّنوا من مصادرة بعض الحيوانات على الرغم من إطلاق النار من قبل أصحاب المنازل المجاورة.. تجمعت مجموعة من اهالي مسيردا على عجل وسارت على خطى هؤلاء حتى ملوية.. لكنهم لم يتمكنوا بهم .. وعندما علم قائد فرع تلمسان بهذه الحوادث طلب العقيد BRADÈRE القائد الأعلى للنمور الإذن بمعاقبة أولاد بن عزة وبني ازناسن وبني منكوش وأولاد منصور حينما بدا له تواطؤهم.

لم يأبه الجنرال DE BEAUFORT لهذا المقترح فرفض تحميل القبائل المذكورة أعلاه المسؤولية.. فرأى انه غير مذنبين، ومع ذلك، وبما أن أولاد بن عيد لا يمكن أن يفلتوا من العقاب فقد أمر العقيد BRADÉRE مداهمة دوار بن عزة.. وتنفيذا لتعليمات، تسلم رئيس المكتب العربي للنمور SÉJOURNÉ الأمر بجمع الفرسان والمشاة من قبائل الدائرة وتولي أمرهم. أقام هذا الضابط في مسيردا وانتظر فرصة مواتية.

وبعد أن حان الوقت .. تقدم SÉJOURNÉ إلى الأمام بمسيرة ليلية لمفاجأة أولاد بن عزة..وعند الفجر لم يكن لدى هذا الأخير الوقت الكافي لتنظيم الدفاع فقرر التراجع. رفض الجنرال DE MONTAUBAN، المبادرة التي اتخذها الجنرال DE BEAUFORT، وسارع هذا الأخير بالكتابة إلى العقيد BARADÈRE لمنع الغارة على أولاد بن عزة .. لأنه كان يعلم أن العملية ستتسبب في أزمة دبلوماسية مع الجيران ولهذا السبب طلب من الجنرال DE BEAUFORT، منع تنفيذ الهجوم.. وهكذا، وحسب المصدر تم تجنب الصراع بين القبيلة الريفية وفرنسا الذي كاد ان يتسبب في حرب بين هاتين الدولتين في أبريل من عام 1856م.

نورالدين شوقي..باحث في تاريخ وتراث كبدانة

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: