أخبارأخبار الرئيسيةمقالات الرأي

الهجمة العروبية لمسخ هوية الريف – بقلم كوسلا

عرف الريف الأمازيغي في السنوات الأخيرة هجمة عروبية منظمة غير مسبوقة للمؤسسات القومجية الإستعمارية العروبية خارج مواقعها التاريخية (بيروت, دمشق و …), وما كان ليتم مثل هذا الهجوم و بهذا الشكل التسلسلي, لولا دونية ماسحي الأحذية من المرتزقة البربر.

قد أصبح آيت ناظور الواجهة الأمامية لترسيخ ثقافة المسخ الهوياتي بمنطقة الريف, فلا تمر أشهر إلا وسمعنا عن تنظيم ندوة أو مؤتمر أو إجتماع لمؤسسات استعمارية بمدينة آيت ناظور (الريف).
عقد يوم 18 دجنبر, إجتماع مكتب إتحاد المحامين العرب بآيت ناظور تحت شعار ” الوحدة العربية دعامة أساسية للتقدم”, المشروع الوحدوي العروبي الشوفيني على أنقاض بلاد جمهورية الريف الأمازيغية.

اتحاد المحامين العرب, مقره بالقاهرة, يقدم نفسه على أساس أنه منظمة عربية, يتكون من جمعيات و نقابات المحامين العرب, المنتخبة بالوطن العربي.
ما علاقة إتحاد المحامين العرب, بالمحامين الأمازيغ و ببلاد الأمازيغ و بمدينة أمازيغية (آيت ناضور)؟
الإجتماع ليس بأهمية المؤتمر, و رغم ذلك عقد بآيت ناضور بالذات و ليس في مقره الدائم بالقاهرة أو بالمواقع التاريخية للقومية العروبية, اجتماع مكتب إتحاد المحامين العرب مثله مثل كل الإجتماعات و الندوات و المؤتمرات التي نظمت في بلاد الأمازيغ, لها دلالة واحدة و هدف واحد, تتحرك من خلاله القوى القومجية العروبية الهادفة الى تصفية القضية الأمازيغية و خصوصا منذ بداية الآلفية الثالثة, مع التحولات الجوهرية التي عرفتها بلاد الأمازيغ (شمال افريقيا), خصوصا ببروز الخطاب التنويري الأمازيغي, و تشكل نواة الفكر القومي الأمازيغي التحرري و الثوري. التحول في بنية الخطاب الأيديولوجي و الفكري في بلاد الأمازيغ, من نسق أحادي عروبي مهيمن الى بلورة الخطاب الفكري الأمازيغي النقيض للأطروحة الحادية, ما نتج عنه من صراع الأضداد, بين الفكر الكولونيالي العروبي و الفكر التحرري الأمازيغي, مما أدى الى تدخل المؤسسات القومجية المحورية العروبية في الصراع بطبيعتها العرقية و وظيفتها الإيديولوجية والسياسية لتكريس الواقع الإستعماري, و تشويه الوعي عند الأمازيغ بإقناعهم أنهم عرب في “الوطن العربي” وصرفهم عن التفكير في هويتهم الأصلية و في تحررهم و بناء دولتهم المستقلة مثل كل الشعوب الحرة و المستقلة عن الأنظمة الإستعمارية.

شعار الإجتماع “الوحدة العربية دعامة أساسية للتقدم”, دلالته تزييف الواقع بربط الأمازيغ بالعروبة, و ربط بلدهم وأرضهم ب “الوطن العربي” الإصطناعي. أن إيديولوجية العروبة أداة التخريب و التخلف السسيو-إقتصادي و الثقافي و التمييز العنصري, وليست أداة التعايش السلمي بين الشعوب, ولا دعامة للتقدم المنطقة. العروبة أداة إستعمارية و تدمير للواقع الأمازيغي. وما الإجتماع العروبي في بلاد الأمازيغ إلا حالة من هذا التدمير و التطهير العرقي و القهر القومي. تحركات المؤسسات العروبية في بلاد الأمازيغ, الهادفة لترويج لمشروع الوحدة العرقية, ليس لتقدم الشعوب و رفاهيتها كما تزعم الحركة القومجية الشوفينية, وإنما تسعى للوحدة العرقية المولدة للتعصب القومي و الكراهية و التمييز ضد الشعب الأمازيغي, تسعى الى وحدة الأجهزة القمعية العروبية في كل الأوطان المحتلة لتسريع عملية آبادة الأمازيغ في عقر دارهم, و تذويب البقية في الهوية الإصطناعية المزيفة, وإتمام السيطرة المطلقة على بلاد الأمازيغ بتحويل المنطقة من هويتها الطبيعية (الأمازيغية) الى هوية مزيفة إصطناعية ( عروية), وهذا هو الهدف الإستراتيجي لإتحاد المحامين العرب.

إن هذه التحركات المشبوهة لهذه المؤسسات الإستعمارية ما كانت أن تتم في الريف عامة و في آيت ناظور خاصة لولا مبادرات عملاء الكولونيالية العروبية, من الفئات الوصولية البربرية في المجتمع الأمازيغي, المرتبطة مصالحها بمصالح النظام الكولونيالي, و تتعاطى مع الواقع الموضوعي باللامبالاة الى حد العداء العلاني, بالدفاع عن المشروع الإستراتيجي الإستعماري في بلاد الأمازيغ و الترويج له. التوجه الرجعي المصلحي لدى المرتزقة البربر يحدد موقعهم ضمن القوى الإستعمارية. فما موقف الطرف النقيض, الطرف الامازيغي المشارك مثلا في إجتماع إتحاد المحامين العرب, فمن غير الطبيعي أن يشارك المحامي الأمازيغي في إجتماع عروبي لمناقشة مشروع إستعماري عروبي يرمي الى تعريب بلاد الأمازيغ, كان من المنطق على الأمازيغ الإنسحاب من هذا الإجتماع, ومن بعده إصدار بيان تنديد بتنظيم مثل هذا الإجتماع المشبوه في أيت ناظور.

من غير الطبيعي و لا المنطق أن ينخرط الأمازيغ في هذه المؤسسات العروبية سواءا كانت حقوقية أو سياسية أو ثقافية أو إجتماعية, و غير الطبيعي أن يدافعون عن أجندتها المعادية لحقوقهم و لتحررهم, أجندة هادفة الى آبادتهم و تعريبهم و تعريب بلادهم.

من الطبيعي و المنطقي أن يؤسس الأمازيغ منظماتهم المستقلة المدافعة عن حقوقهم الجغرافية والثقافية واللغوية الإقتصادية والإجتماعية, والمدافعة عن حريتهم كشعب حر مستقل عن العروبة الإستعمارية.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: