أخبارأخبار الرئيسيةثقافة وفنون

يهود زايو بالريف: التاريخ والتعايش

تعتبر مدينة زايو قرب مدينة الناضور الريفية (أقصى الشمال الغربي لإفريقيا)، من بين المناطق التي عرفت حضورا يهوديا متميزا والذي دام مدة طويلة في هذه الجهة من الشمال الشرقي للريف، وقد ترك بعض البصمات لكنها تحتاج إلى دراسة معمقة وإهتمام أكاديمي لإزالة بعض الغموض الذي لايزال يحوم على هذه الطائفة .

تنحدر الطائفة اليهودية التي قطنت مدينة زايو من أصول الميغوراشيم وهي ناطقة بالإسبانية ونجدها خصوصا في مدن تطوان ،أشاون ومليلية ،إتسمت علاقة اليهود بسكان زايو بالإحترام والوفاق سواء على المستوى الأفراد أو الحكام وقد وجدوا في السكان التسامح والمساواة ،فتمتعوا بحقوقهم الدينية والمدنية في عهد الإدارة السياسية للمستعمر الإسباني للمنطقة، و عاشوا على قدم المساواة مع أهل مدينة زايو ونواحيها في نطاق ما يحدده قانون المحتل الإسباني أنذاك ،حسب شهادة بعض المسنين الذين إستجوبناهم في سنوات الثمنينات والذين عايشوا الوجود اليهودي في زايو، أنه لم يحدث أن عرفت المنطقة أي صراع ديني أو عرقي ،بل كل الحجج تشير إلى إنسجامهم داخل التركيبة البشرية للمنطقة والتي كانت غالبيتها من كبدانة وأولاد ستوت ،فعاشوا معهم في ود وسلام حضاري .

وإذا أردنا الحديث عن الثقافة اليهودية بالمنطقة نميط اللثام عن مكوناتها التي تشكلت مدار أعوام طويلة ،حيث كانت المقبرة اليهودية بالأمس القريب أمام قنطرة سيدي عثمان شاهدة على هذا الوجود الثقافي ،إلا أن جميع رفات هذه المقبرة قد نقلت إلى مقبرة أخرى يهودية بمدينة مليلية ومحيت أثاره عن الوجود .

لم يبق من الثقافة اليهودية في زايو سوى بعض العادات التي إحتفض بها السكان أنذاك ويتعلق الأمر بالرواج التجاري والصناعة التقليدية خاصة إعادة صياغة المسكوكات النقدية المنتهية التداول وتنويع أشكال الخواتم والخلاخل.

وكانوا يهيمنون على التجارة في الأسواق الأسبوعية ولهم علاقة تجارية واسعة بالمدن الخاضعة للإحتلال الإسباني إلى جانب ذالك هناك من مارس التجارة كباعة متجولين ينتقلون عبر البغال والحمير وكانوا يسمون عند السكان المحليين ”بأغياتي” أو ”بوشراويث” ،كما أن البيع عند اليهود ليس بالضرورة أن يكون بالنقود بل يمكن أن يكون قمحا أو شعيرا مع قليل من النقود .

لكن التحولات الإجتماعية والإقتصادية التي شهدتها المنطقة أدت إلى إندثار العديد من الحرف التقليدية فلم يعد للباعة المتجولين على البغال والحمير أي وجود وتعزى هذه الظاهرة إلى وجود السيارات والموصلات وإنتشار الدكاكين .

درب اليهود هو التسمية التي أطلقها أهل زايو على هذا التجمع السكاني الخاص باليهود وهو حي محاط بسور ،وقد عمدت السلطات الإسبانية تجميعهم وتقريبهم إلى المؤسسات العسكرية والإدارة ”المخزنية” من أجل توفير الأمن والحماية لهذا العنصر نظرا لدوره الفعال في تنشيط الحياة العامة وتحريك مرافقها ولكونه مصدر من مصادر تزويد الخزينة بالمال.

وكان للدرب مقدم ونواب يمثلون الطائفة وينوبون عنها أمام السلطات ويرعون مصالحها ويحلون مشاكل اليهود فيما بينهم .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: