أخبارأخبار الرئيسيةمقالات الرأي

تساءلت وربما يتساءل معي كثيرون، كيف يبني بعض الريفيين مواقفهم السياسية ويحددونها؟

السبب وراء ذلك هو هذا الارتفاع الملفت في منسوب الفوضى والعشوائية في اتخاذ المواقف.

البعض يرجع سبب ذلك الى الظاهرة الخطيرة الناجمة عن التطور الحاصل في ادوات التواصل الاجتماعي والاستخدام الخاطئ لها، وبالتالي ظهور هذه العشوائية والفوضى التي تخلقها هذه الادوات اما بسبب تسريب اشاعات وبثها او نشر اخبار ملفقة ليست مستندة الى مصدر ذي مصداقية.

هذا الاستنتاج متسرع بعض الشيء، خصوصا اذا تعمقنا بالمشكلة اكثر لنجد ان الظاهرة، ظاهرة الفوضى والعشوائية ليست جديدة انما صاحبت الشعب الريفي على امتداد نصف قرن من الصراع.

لماذا إذا هذه العشوائية في بناء المواقف؟

من وجهة نظري ان السبب يعود الى فقدان البعض لمنهج التفكير الوطني، وغياب الأسس الضرورية لبناء موقف وطني ريفي صحيح.

يضاف الى ذلك وفي احيان كثيرة النقص المعرفي والمعلوماتي عن القضية الريفية وتاريخها، وغياب الادراك للمعادلة الرئيسية التي تحكمت ولا تزال في الصراع منذ نشوئه وحتى اليوم.

ولكي تكون الصورة اكثر وضوحا لا بد ان نشير هنا إلى ان احد اسباب هذه الفوضى والعشوائية يعود الى الإحتلال المغربي،

بل الماكينات المعادية الكثيرة التي تعمل ليل نهار لتشويه الوعي الوطني الريفي وحرفه عن مساره، وإضعاف الانتماء للهوية ( الريفية ) الوطنية، وزعزعة الثقة بالنفس، والأهم من ذلك كله استهداف ذاكرتنا الوطنية الجماعية التي دونها سنتحول بالتأكيد الى جماعات لا رابطة بينها، او الى سكان محليين لا حقوق سياسية لهم، وذلك كما عرفنا به الإحتلال المشؤوم الذي لا يزال يتعامل مع الشعب الريفي على أساسه.

لذلك فإن منهج التفكير الوطني والأسس والمحددات الوطنية هي النقطة المركزية في بناء موقف وطني صحيح.

هذا المنهج بسيط ويستند اساسا الى اربعة أسئلة على الريفي ان يسألها لنفسه عند بنائه لموقفه.

** السؤال الأول: وهو سؤال الهوية، فالاجابة على سؤال من انا؟ ومن نحن؟

هي مسألة حاسمة في بناء الموقف الوطني فإذا جاءت الاجابة على هذا السؤال أنا ريفي ونحن ريفيون نكون قد وضعنا انفسنا على الاساس الاول الصحيح لبناء الموقف، فكثير من هذه الفوضى والعشوائية هي ناجمة عن الاجابة الخاطئة على السؤال كأن اجيب انا مغربي او عربي اولا،

فالبرغم من اهمية هذه المكونات وضرورتها لتعريف الهوية فانها في الوقت نفسه قد تقود صاحبها الى اولويات غير الاولويات الوطنية أو الى مشاريع غير المشاريع الوطنية وهنا يكمن الخطأ في التحليل وبناء الموقف.

**السؤال الثاني: وهو متعلق بتحديد من هو العدو الرئيسي وما هي طبيعته؟

السؤال البوصلة. للإجابة على هذا السؤال بالنسبة للريفي يجب ان تكون العدو هو الاحتلال المغربي المستند الى المشروع التعريبي، المشروع الذي ينفي وجودي ويرفض الاعتراف بحقوقي السياسية في وطني.

هذا الجواب هو الذي يبعدنا عن تغليب تناقضاتنا الداخلية على صراعنا مع العدو الرئيسي، او انخراطنا في معركة ضد عدو مؤقت هو ليس عدونا.

**السؤال الثالث: ويتعلق بادراك ومعرفة المعادلة الرئيسية التي تحكمت ولا تزال تتحكم في صراعنا مع المغرب

وهي المعادلة التالية: عدو مغربي تعريبي لا يزال يعرب على حساب ارضنا، في مقابل شعب ريفي يقاوم ومستمر في مقاومته لكنه ممنوع من ممارسة حقه في تقرير المصير، والتشديد هنا يجب ان يكون على كلمة ممنوع من حقه.

ادراك هذه المعادلة وادراك حجم الظلم الذي يقع علينا كشعب ريفي محتل، هو ظلم يتحمل مسؤوليته المجتمع الدولي (بالأخص الإمبريالية العالمية ) وبالتحديد فرنسا وإسبانيا التي منعت ولا تزال تمنعنا من ممارسة حقنا مند إتفاقية 1926 التي نصت على عدم السماح لأي حركة ريفية ان يعلو شأنها مستقبلا.

ادراك هذه المعادلة يقودنا الى التقييم الموضوعي والحقيقي في الاجابة على السؤال اين أخطأنا واين اصبنا وذلك دون ان نجلد انفسنا ودون ان نتبادل التهم بالخيانة والتفريط والتنازل.

فعلى الجميع ان يعلم ان قيادات الشعب الريفي بدءا من القرن الماضي محمد امزيان وانتهاء بناصر الزفزافي كل هذه القيادات حاوت ما بوسعها لكي تغير المعادلة بكل اشكال النضال السياسي والشعبي أو العسكري لكنها لم تنجح ليس لأنها مقصرة، وانما لان المجتمع الدولي لا يريد ان نمارس حقنا في تقرير المصير.

والدليل اننا الشعب الذي لا يزال بدون دولة حتى الآن. وأول دولة يتم إجهاض مشروعها الثوري من الإمبريالية العالمية

**السؤال الرابع: المتعلق بالكيفية التي نحدد فيها موقفنا من الأحداث والتطورات من حولنا فالسؤال هنا هل هذا الحدث أو ذاك يصب في مصلحتنا الوطنية ومصلحة قضيتنا أو انه يضر بنا.

الاجابة تجعلنا نتخلص من الرهانات على كل من يحاول ان يستخدم القضية الريفية ونضالات الشعب الريفي ودماءه لمصلحته او كورقة مساومة مع القوى الاخرى.

وهنا يجب ان نلاحظ ان من يستخدم القضية قد يستخدم احيانا ادوات ريفية، وهنا يجب ان نكون حذرين او متنبهين لانه ليست كل اداة ريفية او اي عمل ضد المغرب هو لمصلحة قضيتنا.

واذا اردنا ان نجمل كل ذلك في مقولة او وصفة تخلصنا من الفوضى والعشوائية والسطحية فهي ممكن ان تكون كالتالي كطريقة لبناء موقف وطني صحيح. (انا ريفي، او نحن الشعب الريفي اصحاب قضية وطنية واحدة عدونا واحد رئيسي هو الاحتلال المغربي ومشروعه التعريبي نحن نقاوم ونستمر في مقاومته لكن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية منعنا من ممارسة حقنا في تقرير المصير بدرجة اساسية).

كل هذا لا تعني سوى بناء موقف وطني صحيح ووسيلة لإجراء نقاش وتقييم موضوعي حول السياسات والقرارات من حيث صوابيتها او خطأها، او من حيث صحة موقف هذه القيادة او تلك. هذه المقولة التي بنيت على اساس المعادلة المتحكمة بصراعنا هي الوسيلة لتعزيز وحدتنا والاستمرار في نضالنا حتى تقرير المصير على أرضنا ووطنا.

بقلم محمد بنمسعود

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: