أخبارأخبار الرئيسيةتاريخ

الرئيس محمد بن عبد الكريم الخطابي أستاذ اللغة الريفية بمدينة مليلية

مقال للرئيس "مولاي موحند بن عبد الكريم الخطابي" بتاريخ 2 أكتوبر 1914 ( عدد 9.056 ) في جريدة "إيل تيليكَراما ديل ريف" ( جريدة "تيلكيَراف أريف" كانت تصدر في مليلية)، بعد تعيينه مدرسا في أكاديمية اللغة الريفية والدارجة بمدرسة الشؤون الأهلية وفق ظهير ملكي صادر يوم 17 يناير 1914 لتدريس بعض الإسبان، رفقة محمد بن الحاج عمر طحطاح - أمين الديوانة بـ مليلية - الذي عٌين مساعدا له حسب الأمر الملكي الصادر في نفس الجريدة يوم 10 يناير 1914

ليس هناك أمة أو ثقافة على استعداد لأن تتخلى عن هويتها الثقافية المكتسبة، وعن رأسمالها الرمزي لقاء امتلاك العالم والتقنية، لأن التخلي عن الهوية الثقافية المتوارث، أو التنكر لها، هو بالنسبة لأية أمة نوع من الانتحار الحضاري.

قد عرف الخطابي بالانفتاح على الحضارة الحديثة والتعايش مع الاسبان،- قبل الدخول معهم في مواجهة من اجل الحرية والكرامة -،لذلك لم يتردد في قبول الاقتراح الذي عرض عليه، محررا جريدة تلغراف الريف الصادر آنذاك بمليلة الريفية المحتلة ،ومهمة التدريس في المدرسة الابتدائية، وتقلده وظيفة الكاتب والمترجم في مكتب الشؤون الأهلية، ثم قاضيا ورئيسا للمحكمة الاستناف.

إلا أن ما يثير الانتباه أكثر من النشاط الفكري لهذه الشخصية الموسوعة، وهو القيام بتلقين اللغة الريفية لبعض الاسبان إلى جانب اللغة الدارجة لطبيعة الحال؛ لقد ورد في جريدة تلغراف الريف بتاريخ: 1914-2-14 “إعلان عن افتتاح أكاديمية اللغة الدارجة والريفية بمدرسة الشؤون الأهلية وذلك بظهير ملكي صادر يوم 1914-1-17 يتم من خلاله تعيين القاضي الخطابي معلما وسيدي محمد بن الحاج عمر طحطاح أمين الديوانة بمليلة كمساعده حسب الأمر الملكي الصادر بتلغرافة يوم 10 يناير 1914″،وكان من الطلب الاسبان الذين درسوا على يد الخطابي آنذاك:الجنرال سلفيستر الشهير وكذلك كانديدو اوبيرة مدير تلغراف الريف والكابتن مياخا وكذلك المستعرب كاستييخوس، ويذكر الخطابي انه اعتمد على كتاب النحو الريفي للكاتب فرانسيسكاني باسكي للتدريس اللغة الريفية.

نص المقال مترجما الى اللغة العربية:

إن ثلث أرباع سكان الإمبراطورية المغربية من أصل أمازيغي، والباقي من ذوي أصل عربي، وليس هذا صحيحا فحسب، بل يمكن التأكيد بأنه في شمال أفريقيا، من سوس إلى تونس، فالساكنة الأمازيغية هي الغالبة إلى حد أن إزهيان (سكان تخوم الجزائر) يتكلمون تقريبا نفس اللغة التي تتكلمها قبائل الريف.

من هنا تستنتج الأهمية الكبرى لدراسة “الشلحة” بالنسبة للإسبانيين وحسن تدبير الجنيرال خوردانا لاقتراح تدريسها رسميا.

إن الأمازيغية أو “الشلحة” تنطق بلهجات مختلفة، والتي يتكلمها جيراننا هي “تامازيغت”، كلمة منحدرة من “ماذيكَيس” إسمِ أحد مؤسسي الساكنة الأمازيغية لهذه الأراضي.

إن الموريين لا يكتبون “الشلحة”؛ ولكن من أجل تعليمها يتعين نقل أصواتها بالإسبانية أو بالعربية، لأنه من خلال هاتين اللغتين، يمكن التعبير على أصواتها الحلقية والتنفسية القوية بسهولة.

إن هندستها النحوية، ورغم أنها ليست معقدة جدا، لا تستبعد طرح صعوبات و لاسيما ما يتعرض له الأوربي بالنسبة للنطق الذي يحتاج لتمارين أكثر و لتطبيق متواصل.

في هذه المنطقة، تلقى معجم “الشلحة” الكثير من الكلمات العربية؛ أما في سوس فإن التحدث بها أكثر نقاء، لأنها لم تخضع لتأثير اللغات الأخرى.

إنه لشرف كبير لي أن أٌعين أستاذا في الأكاديمية الرسمية لهذه البلدة، و أنا سأحاول أن أرد بالمثل على الثقة التي حضي بها شخصي، واضعا كل جهودي لتحقيق هذا الهدف، والذي هو، أن يتمكن الإسبان في وقت وجيز من التفاهم مع السكان المحليين.

يعود الفضل الكبير للأب الجليل، والرجل المثقف، الإسباني “ساريناندرا” من الفرانسيسكان، في كونه قد كتب نحوا جد كامل لـ “الشلحة”، أبان فيه عن معارفه المعمقة باللغة. بالنسبة لي كأستاذ، سوف يدعمني في مهمتي المساعد محمد طاحطاح، كما أعتزم إتباع نفس منهجيته في العرض واستعمال المواضيع والتمارين التي يحتويها الكتاب [*].

ستتكون التمارين اليومية من الكتابة على الألواح والترجمة، وعندما يكتسب التلاميذ المستوى الضروري المتقدم، سنقوم بتطبيقات المحادثة.

متمنياتي أن يتمكن كل الموجودين في هذه الأقسام، عسكريين أو مدنيين، من امتلاك لغة جد ضرورية هنا، وأطلب من الله أن يتحقق ذلك.

محمد بن عبد الكريم
أستاذ أكاديمية “الشلحة”.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: