أخبارأخبار الرئيسيةأخبار دوليةسياسة

ردا على عسكرة الريف وتطاول حكام المغرب، وزيرة الدفاع الإسباني تزور الثغور الريفية المحتلة لأول مرة منذ أزيد من ربع قرن (فيديو + صور)

حلت “مارغريتا روبليس” وزيرة الدفاع الإسبانية، الخميس المنصرم بمدينة سبتة الريفية المحتلة، في أول زيارة لمسؤول دفاع إسباني لأحد الثغور الريفية المحتلة منذ أكثر  من 26 سنة، منذ آخر زيارة قام بها وزير الدفاع الأسبق “إدواردو سييرا ريتشاس” في عهد حكومة “خوسيه ماريا أثنار”، وكانت سنة 1996. هذه الزيارة الخاطفة، أتت بعد أسبوعين فقط من إعلان القوات المسلحة الملكية المغربية زيادة تفعيل عسكرة الريف بإنشاء “قيادة للعمليات العسكرية” جديدة في الحسيمة، كقاعدة عسكرية ثالثة تستهدف كامل الريف إلى حدود “مولاي بوسلهام”.

عند وصول وزيرة الدفاع الإسبانية إلى مدينة سبتة المتمتعة بالحكم الذاتي تحت النفوذ الإسباني، زارت رفقة رئيس أركان القوات المسلحة الإسبانية “الجنرال أمادور إنسينيات” مقر القيادة العامة للجيش في سبتة المعروفة إختصارا بـ (COMGECEU) ومواقع وحداتها، بما فيها المجموعة الرابعة والخمسين من الجنود النظاميين الخاصة بمدينة سبتة المحتلة بثكنة “غونزاليس تابلاس”، وذلك بحضور رئيس الحكومة المحلية للمدينة “خوان خيسوس فيفاس” ومندوب الحكومة المركزية “رافاييل غارسيا رودريغيز”.

رسميا،تقول إسبانيا بأن هذه الزيارة كانت مبرمجة من إدارة الدفاع الإسباني من أجل تقديم التعازي لعائلة الجندي الريفي الأصل “إدريس اعمار”، الذي لقي حتفه بالرصاص خلال شهر أكتوبر المنصرم في حي “برينسيبي” المعروف بأنه من أخطر أحياء سبتة.

وفي كلمتها إلى الحامية العسكرية، أشادت روبليس بمدينة سبتة لكونها 《مدينة تمثل معنى التعايش والحوار، من خلال هذا الإتحاد الدائم بين النسيج المجتمعي السبتاوي وكذلك رجال ونساء الحامية العسكرية، التي عملت في خدمة التاج الإسباني، للوصول إلى مجتمع أكثر عدلا وفخرا》.

وقد صرحت الوزيرة لوسائل الإعلام الإسبانية، بأن زيارتها للمدينة المحتلة جعلتها 《عاطفية، ومباشرة، ومدركة لطبيعة وضرورة وجود الجيش الإسباني في سبتة》.

هكذا أظهرت وزيرة الدفاع نفسها خلال زيارتها للثغر المحتل، دون أن تنسى بعث رسالة تطمين إلى سكان المنطقة المحتلة من كون الحكومة المركزية ملتزمة بتنفيذ وعودها حول إنقاذ اقتصادهم المحلي. وذكرت وسائل الإعلام 《أن دور الخطة الاستثمارية هو إرجاع المنطقة إلى دورها السابق، بوصفها منطقة عبور حيوي》.

□ وعود واستثمارات وعسكرة:

زيارة وزيرة الدفاع تتزامن مع زيارة وزير شؤون الرئاسة الإسباني “فيليكس بولانيوس” الذي ينسق -نيابة عن “بيدرو سانشيز”- ملف خطة التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة التي أعدتها حكومة مدريد المركزية، باستثمار يقارب 700 مليون يورو  للفترة الممتدة بين 2023 و 2026.

سانشيز يعتبر هو الآخر رئيس الحكومة الإسبانية الوحيد الذي قام رسميا بزيارة سبتة مرتين، الأولى في ماي 2021، في خضم أزمة الهجرة مع المغرب، والثانية في مارس المنصرم، بعد افتتاح “مرحلة جديدة” في العلاقات مع حكام المغرب الذين استخدموا برنامج بيغاسوس لتغيير موقف إسبانيا من الصحراء الغربية.

وخصصت حكومة مدريد، لمدينتي سبتة ومليلية خطة استثمارية بقيمة 700 مليون أورو، لتعزيز كلتا المدينتين في مختلف القطاعات. وكما أوضحت -في وقت سابق- وزيرة السياسة الإقليمية والمتحدثة باسم الحكومة “إيزابيل رودريغيز” أن الخطة الاستثمارية، ستتوجه نحو برامج تهم مجالات التشغيل والتعليم والصحة وتعزيز البنية التحتية وخصوصا السياحة.

وأكدت مصادر إسبانية، أن الزيارة تركز أيضا على دعم الخطة الاستراتيجية للإسكان، حيث تخطط وزارة الدفاع للتنازل عن أراضيها العسكرية التي تبلغ 32.2 بالمائة من مساحة المدينة، لبناء منازل للإسكان. ومن المتوقع أن يتم تعزيز هذا التنسيق بين الوزارة والمدينة، كما هو مبين في الخطة الإستراتيجية التي تحاول الاستجابة بحد أقصى لهذه الخطة.

هذهِ الخطة الاستثمارية التي تتخذها الحكومة الإسبانية في سبتة ومليلية المحتلتين، تدعم فرضية مواجهة التحرش المغربي، وفك العزلة التجارية عن المدينة. ومن جانب آخر، يمكن قراءة زيارة الوزيرة الإسبانية في سياق الرد على مضمون رسالة المغرب إلى المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، التي أوضحت أن المدينتين محتلتان، ولا يمكن الحديث عن حدود وإنما نقاط عبور. وفي سياق أخر، في كون هذه الزيارة ترد على حملات التشكيك في إسبانية سبتة ومليلية الريفيتين، والتي تصدت لها الوزيرة سابقا، عندما قالت أن 《سبتة ومليلية مثل مدريد أو سوسييذاذ أو أي مدينة إسبانية أخرى》.

□ رسالة مغربية جديدة تثير غضب مدريد:

قبيل انتهاء شهر أكتوبر 2022، نفت الحكومة المغربية في رسالة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة “وجود حدود برية” بين المغرب وإسبانيا، مؤكدة أن مدينتي سبتة ومليلية “ثغران محتلان”، وهي خطوة أثارت غضب مدريد

وقالت وكالة الأنباء الإسبانية “أوروبا بريس” إن الرسالة المغربية إلى مجلس حقوق الإنسان، جاءت ضمن التوضيحات التي طلبت من الرباط، على خلفية اتهامات بالاستخدام المفرط للقوة خلال “مجزرة مليلية”، في شهر يونيو الماضي، التي أودت بحياة أكثر من 40 مهاجرا وجرح المئات، بحسب تقارير رسمية.

وتشير الحكومة المغربية في جانب من توضيحاتها بخصوص هذه الأحداث إلى أنه “من غير الدقيق الإشارة إلى خط الفصل بين المغرب ومليلية على أنه حدود برية بين المغرب وإسبانيا”، مضيفة أن “ليس للمغرب حدود برية مع إسبانيا، وكون مليلية ثغر محتل لا يمكن الحديث عن حدود، بل عن نقاط عبور بسيطة”.

وخلفت الرسالة، التي قالت الوكالة إنها اطلعت عليها، ردودا واسعة بإسبانيا، حيث تأتي تصريحات المغرب بعد أشهر قليلة من خروج البلدين من أزمة دبلوماسية غير مسبوقة، وذلك بموجب اتفاق تفاهم شامل، عبرت فيه مدريد عن دعمها لمخطط الحكم الذاتي بالصحراء الغربية مقابل استمرار نفس العداء المشترك للريف.

ورفض رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، الخميس، مضمون الرسالة المغربية، معتبرا بأن “سبتة ومليلية مدينتان إسبانيتان..”.

وقد جاء تصريح سانشيز بالبرلمان بعدما حثته المتحدثة باسم حزب الشعب “كوكا جامارا” على استغلال مروره بالبرلمان للرد على رسالة المغرب بالمجلس الأممي، و”الدفاع عن السيادة الوطنية وسلامة الأراضي الإسبانية.. والتأكيد أن موقف الرباط خاطئ”، حسب ما نقلته صحف إسبانية.

وفي غياب تعليق رسمي من السلطات المغربية على ما تداولته الصحف الإسبانية، قالت وكالة “إيفي” إن مسؤولا كبيرا بوزارة الخارجية المغربية، أوضح بأن الإعلان المشترك الموقع بين المغرب وإسبانيا في 7 أبريل يعترف بوجود “حدود برية” بين البلدين.

وأوضح مصدر الوكالة الإسبانية، أن الإعلان المشترك الموقع بين المغرب وإسبانيا بعد استئنافهما علاقاتهما الدبلوماسية يؤكد على  “الاستئناف الكامل للحركة العادية للأفراد والبضائع بشكل منظم، بما فيها الترتيبات المناسبة للمراقبة الجمركية وللأشخاص على المستويين البري والبحري”.

ولفتت الوكالة الإسبانية إلى أن المسؤول المغربي الكبير يلمح إلى “الحدود” البرية مع إسبانيا، وهي كلمة لم ترد في في الإعلان المشترك، حيث لم يذكر سوى إدراج الأجهزة الجمركية “على المستويين البري والبحري”.

□ وزير دفاع سابق يحذر: النظام المغربي ليس ديمقراطيا:

كان قد حذر، في شهر يوليوز 2022، وزير الدفاع الإسباني السابق “فيديريكو تريلو” نضراءه الإسبان من أن النظام المغربي ليس ديمقراطيا، مؤكدا أن حكومة سانشيز تتجاهل حقيقة أن هذا النظام لا يحتكم إلى القانون.

جاء ذلك في حوار مصور للوزير “تريلو”، الذي شغل أيضا منصب رئيس مجلس النواب، لصحيفة “إل ديباتي” المحلية، حول تنازل سانشيز عن مواقف مدريد إزاء قضية تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، مقابل تطبيع علاقاتها مع الرباط.

وأكّد تريلو في حديثه:”ما تتجاهله الحكومة الحالية هو أن المغرب لا يحكمه القانون”. مضيفا:”إنه يريد (النظام المغربي) أن يقدم نفسه على أنه ديمقراطي. ولكن في الحقيقة، إرادة الملك هي الحاسمة”.

وأضاف:”إنهم يقولون شيئًا ويفعلون شيئًا آخر. وهذا ما حدث بعد ذلك. لذلك، لا يمكن أن تكون لديك علاقات سويّة مع المغرب، حيث يطغى العنصر الاستبدادي، على الرغم من جهود التحوّل الديمقراطي”.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: