أخبارأخبار الرئيسيةإصدارات

المكتبة الريفية تتعزز بمولود جديد بمناسبة مئوية “معركة أنوال”

في الذكرى المئوية لـ”معركة أنوال المجيدة”، صدر كتاب جماعي جديد باللغتين العربية والفرنسية، بعنوان “عبد الكريم الخطابي وتحرير المغرب الكبير (1921-2021)”.

يضم هذا الكتاب، الصادر عن مجلة الدراسات والنقد الاجتماعي “نقد”، سلسلة من المقالات البحثية حول ثورة الخطابي مطلع عشرينيات القرن الماضي، وحرب الريف، وتحرير الريف، وشخصية بنعبد الكريم من منظور الزمن الراهن، وعلاقته بمطلب اتحاد الشعوب من أجل تحرير البلدان المغاربية، وما يستعصي فهمه في مساره.

وشارك في هذا العمل الذي يخلد مئوية معركة “أنوال” باحثون من الريف والمغرب والجزائر وإسبانيا هم: المصطفى بوعزيز، دحو جربال، بيرنابي لوبيز غارسيا، ميمون أزيزا، شاكر تبهوت، محمد خرشيش، وماريا روزا دي مداريافا.

ورغم كون “الأحداث التي عرفها الريف مع بداية عشرينيات القرن العشرين معروفة على العموم”، وكون “الريفييون يرون في شخصية محمد بن عبد الكريم الخطابي أحد أكبر أبطالهم”، إلا أن المؤرخ المصطفى بوعزيز قال بخصوص الإعتراف المغربي بالشخصية الريفية إن “هذا الاعتراف جاء، رغم ذلك، متأخرا، ومازال اعترافا جزئيا”، علما أنه “منذ عشرين سنة لم يكن حضور عبد الكريم في الذاكرة الجمعية إلا حضورا شبحيا”.

وعاد المؤرخ، في أحد مقاليه المنشورين بالكتاب الجديد، إلى قراءة المؤرخ جرمان عياش لثورة الريف، الذي قدم في مؤلفين حولها: “الرواية الأكثر إعدادا وتدقيقا لتاريخ حرب الريف”، مع بسط بوعزيز ملاحظات نقدية حول إهمال التقليد الشفهي الذي ضيق من إشكاليات بحث عياش.

أما الباحثة ماريا روزا دي مدارياغادا فأعادت تركيب مسار الخطابي، منذ ولادته في عائلة منتمية إلى “النخبة المثقفة”، ورهانها على التعليم من أجل التحرير، فالتعاون مع إسبانيا، من طرف الأب الفقيه عبد الكريم، لإيمان بأنها “قد تقدر على تقديم مساهمة اقتصادية وتقنية مهمة لتقدم الريف”، وكونها “تملك القدرة اللازمة للمساهمة في تحويل الهياكل القديمة للريف وتحديثها”، قبل أن تظهر “شكوك حول “فعل نشر الحضارة” الإسباني في الريف، تسللت تدريجيا إلى ذهن الفقيه عبد الكريم الخطابي وابنه محمد”.

وزادت الباحثة: “لقد شهدا كيفية هدر المال دون فائدة حقيقية بسبب الحكم غير السديد وجهل البلد والفساد الذي كان ينخر الجهاز الإداري، كما شهدا أن إسبانيا لم تكن قادرة على أداء أي وظيفة من شأنها ‘نشر الحضارة’؛ لم تبن المدارس أو المستشفيات أو الطرق، في حين كان العساكر يحكمون القبائل ويديرونها بشكل مباشر، وكانوا يواصلون خططهم لغزو كل الأراضي المتمردة”.

بعد هذا، تطرقت دي مدارياغادا إلى جهود بنعبد الكريم، بعد وفاة والده، من أجل “تحقيق الوحدة القبلية في مواجهة العدوان الاستعماري من خلال تعزيز الشعور بالانتماء إلى الأمة الريفية، وحاجة الأمة إلى حكم نفسها بنفسها”.

“ورغم هذه المظاهر”، قالت الباحثة إن حركة الخطابي كانت انفصالية في علاقتها بالمغرب، ثم تابعت شارحة: “لو خاطب السلطان كل المغاربة لمحاربة الغزو الخارجي لما كان هناك صراع مع الريف؛ فقد عارض الريف السلطان لأن هذا الأخير كان خاضعا للمحتل. وبالنسبة لمحمد بن عبد الكريم كانت الدولة الريفية تشكل المرحلة الأولى نحو تحرير المغرب في مجمله، كان يأمل أن تمتد الحركة إلى المناطق الأخرى التي ستثور هي الأخرى، في نهاية المطاف، ضد الاحتلال الأجنبي”.

وتحدثت الباحثة، أيضا، عن مسار المقاومة الريفية، وانتشارها، ثم الاستسلام بعد قسوة الحرب و”تمادي الجيش الإسباني إلى حد استخدام الغازات السامة”، فحياة المنفى، وتأسيس “لجنة تحرير المغرب العربي” سنة 1947، ورفض الخطابي العودة إلى الريف تحت حكم المغرب وعلاقته غير السليمة مع الملك الحسن الثاني.

وتبرز الكاتبة أن أهمية مقاومة الخطابي تتجلى في أنها لم تكن حركة مقاومة فقط ضد المحتل “المسيحي”، بل “تجاوزت ما سبقها من حركات مقاومة الاحتلال الأجنبي” بكونها أيضا “معركة ضد استغلال ثروات البلاد من قبل الأوروبيين، وفكرة تتضمن، بالإضافة إلى فكرة القبيلة، فكرة الأمة الريفية”.

وتوقف الباحثان شاكر تبهوت ومحمد خرشيش عند طبيعة الكتابات التاريخية المغربية عن المقاومة الريفية للاحتلال الاستعماري، مقسمين إياها إلى أربع، هي: “الكتابات الذاكراتية” التي كتبها أو رواها مقاومون وفاعلون في الأحداث، و”مؤلفات الوطنيين المغاربة”، وأعمال مختلف الفاعلين في مغرب ما بعد الاستقلال الذين مارس أغلبهم التاريخ هواية وليس حرفة، ثم كتابات المؤرخين المحترفين.

أما الباحث بيرنابي لوبيز غارسيا فذكر أن “الاستقلال الذي حصل عليه المغرب في النهاية، عام 1956، لم يكن هو الذي ناضل عبد الكريم من أجله، لأنه كان استقلالا غير كامل، ليس فقط من وجهة نظر الأراضي الريفية أو المغربية، ولكن أيضا، وقبل كل شيء، من وجهة النظر الاقتصادية والهيكلية”.

وخلص الدارس، في بحثه المنشور بكتاب “عبد الكريم الخطابي وتحرير المغرب الكبير” إلى أن “التبعية المتبادلة مع فرنسا، التي كانت العناصر الوطنية المغربية ترتاب منها بشدة وقت المفاوضات، تحولت إلى حقيقة في نهاية المطاف، وهي حقيقة كان الريفي عبد الكريم تصدى لها في السنوات التي أعقبت الاستقلال، والتي كانت مصدر انتفاضة عام 1958”

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: